تعيش الكثير من الشعوب بالمعمورة على وقع الموت والدمار والاقتتال.. الأساليب القمعية التي صارت مألوفة عند جميع البشر دون استثناء.. بل حتى أطفالنا لم يسلموا في ألعابهم الصبيانية وفي لعب الدمى التي لحقتها روح الموت هي الأخرى.. وكأن هذا القدر صار من يومياتنا، لتتحول الحروب وروح الانتقام التي أشرف الغرب على صنعها والترويج لها وبيعها في الأسواق العربية والإفريقية ذات الاستهلاك الواسع، دون الأخذ بعواقبها الوخيمة التي تتخلل ذلك.
يحتفل العالم في مثل اليوم باليوم العالمي للسلم.. الموافق لـ21 سبتمبر من كل سنة.. وجاء هذه المرة ليحمل شعار «الشراكة من أجل السلام والكرامة للجميع».. لكن بالعودة إلى الواقع المعيش.. لا توجد كرامة للإنسان تحت وطأ الدبابة.. فلن يكون السلام عنوان للعيد طالما أبجديات الغرب تراهن على الإخلال بموازين القوى.. من خلال استنزاف الثروات واحتقار الشعوب وتصدير آليات الموت إلى الشعوب المستضعفة.. لتركن هذه الأخيرة في سراديب الآفات الاجتماعية ولا تقوم لها قائمة.
الوطن في حاجة إلى أبنائه وتاريخه وإلى كل المؤشرات التي من شأنها أن تدفع به نحو التقدم والازدهار.. الوطن في حاجة إلى أن يتقبل المواطن نظيره الآخر في إطار الحرية والاختلاف والنقد البناء.. الوطن في حاجة إلى سلام عالمي أبدي بعيدا عن التناحر والقذف والإلغاء.
لذلك، قبل أن نخصص يوما واحدا للسلم.. علينا أن نخصص كل السنة للسلم والأمن والوئام.. نحن في حاجة إلى سلم دائم متواصل.. لا أن نستحضره في لحظة ونمحو آثاره وأبجدياته في باقي أيام السنة.
سيظل السلام بعيد المنال عن الكثير من الشعوب التي انخرطت في دوامة العداء.. سيظل السلام إسما مبنيا للمجهول.. فما الجدوى من يوم واحد يتيم في السنة للسلم وباقي الأيام للموت والحرب... لذلك نريد سلاما أبديا.. لا عيدا استثائيا في سنة من العدوان وعداءها لا ينتهي.