تدعيم عمل المجالس الشعبية المنتخبة إنشغال دائم للسلطات العمومية حتى تكون هذه الفضاءات في مستوى الآمال المعلقة عليها من أجل ترقية هذا المرفق وخدمة المتوافدين عليه، وعمليا فإن تحسين وتسهيل أداء هذه الهياكل من خلال إدخال الرقمنة «السجل الوطني الآلي» وفتح مصالح للجواز البيوميتري دليل قاطع أن البلديات على موعد حاسم مع مبادرات هامة في غضون الآجال القادمة.. وهذا من خلال رؤية واضحة في هذا الشأن.
وفي هذا السياق، فإن وزارة الداخلية والجماعات المحلية لم تتوان في تعزيز هذه القناعة العميقة، بواسطة قرارات فاصلة تهدف إلى إخراج هذه المؤسسات الجوارية من وضع معين فرضه واقع خاص إلى افاق واعدة مبنية على الإرادة القوية الراغبة في الاضطلاع بمهام تكون في مستوى هذه الحركية الهادفة التي تستدعي الوصول إليها مهما كان الأمر.
وقانون البلدية جاء بخيارات لنشاط المجالس الشعبية المنتخبة قد تؤدي إلى وضع أحسن مما هي عليه الآن، يكفي فقط تحريك تلك المواد وجعلها عملية في الواقع وما إعلان وزارة الداخلية والجماعات المحلية تمتين التضامن بين البلديات الغنية وغير ذلك، هو في حد ذاته توجه قائم على نظرة صائبة، وهذا من خلال الصندوق المحلي للإيرادات الذي له قدرة مالية محترمة تصل إلى ١٥٠ مليار هي اشتراكات بنسب معينة لكل طرف بما فيها الوزارة نفسها، وإن لوحظ بأن التسيير لهذه الأرصدة ينطبق على مبدأ الترشيد وقاعدة الصرامة، فإنه سيتحوّل إلى بنك، وهكذا تخرج البلدية من دائرة الاعتماد على الخزينة العمومية باتجاه مخرج آخر، شعاره الفعالية وفرض القدرة الذاتية، في تسيير شأنها، وهذا ممكن جدا وقابل للتحقيق في الميدان إذا تحلى المنتخبون بصفات معينة منها العقلنة في المداولات بشأن المشاريع المبرمجة التي تتجاوز سقفا ماليا معينا.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أن قانون البلدية لم يغلق أبدا إن المبادرة في هذا الشأن، بل فتحها على مصرعيها من أجل التقليل من العودة إلى الدولة في كل التمويلات التي تخصها، ففي هذا الإطار هناك مواد ترفع الحرج على رئيس البلدية ومن معه منها دعوته لإنشاء مؤسسات محلية تقوم بالأشغال المخولة لها أولا من أجل وضع حد للنفقات غير المتحكم فيها عندما يتعلق الأمر بمشاريع البلدية، وثانيا القيام بأعمال إضافية في نقاط أخرى تسمح الإتيان بمداخيل جديدة، وإلى حدّ الآن نحن بعيدون كل البعد على مثل هذه المبادرات المفتوحة للمحليين، مما الأمور على حالها، وكل المشاكل التي تعترض «المير» يراها أنها من مصدر «المراقب المالي» الذي يرفض التصديق على الوثائق، وهنا يقع الإنسان في كثير من البلديات، والقطيعة بين رئيس البلدية والمراقب، في حين أن هناك علاقة مهنية عادية بين الطرفين في الكثير من البلديات، يكفي تبرير المشروع بالوثائق المطلوبة.
والعمل في الوقت الراهن، منصب على تحسيس رؤساء البلديات بالمهام المنوطة بهم في الاهتمام أكثر بانشغالات المواطن، وكذلك إدراجهم في هذا التوجه الجديد الذي يبنى وفق سياسة خطوة ـ خطوة، وعلى المنتخبين الإنخراط في هذا المسعى ومساعدة الوزارة في هذه المرافقة كذلك وتعزيز صلاحيات الأميار، لا يعني مراجعة قانون البلدية لأن وزارة الداخلية والجماعات المحلية لم تشر إلى ذلك بتاتا بل تبحث عن الصيغ الكفيلة من أجل على الأقل تطبيق ما هو موجود في هذا القانون، خاصة المسائل التي تؤدي إلى إبراز قدرة البلدية في حل مشاكلها الذاتية.