اقترنت كلمة المواسم في القديم بتواريخ معينة، يقوم الإنسان خلالها بممارسة شعائر أو مناسك لها علاقة بالفطرة التي فطر الإنسان وجوده بتوارثها، سواء الدينية أو الطبيعية، التي هي في الأخير انتظار اقترن بحقبة زمنية لتنتهي بانتهاء حصاده .. لاتهمنا في هذه الإطلالة المواقيت بقدر ما تهمنا مواسم الهجرات المتدفقة من اللاجئين العرب على موطن الجرمن، وتبريكات السيدة ميركل التي فتحت أبواب الإمبراطورية الجرمانية للآلاف من أبناء الشام والعراق كبيرهم وصغيرهم، ومنحهم الكثير من الامتيازات أهمها الجنسية الجرمانية التي يحلم بها الكثير من أبناء عروبتنا .
إنه مهما كانت درجات الاستقبال والترحاب بهم، لن تكون هذه الأساليب إلا دافعا لذر الرماد في الأعين، لتحقيق مآرب أخرى فالجنة ليست غدا، والفردوس الذي يحلمون به لن يكون على أرض يتخبط اقتصادها في أزمة العملة الموحدة وتقهقر ميزانها التجاري، وأمام غلق المجر لحدودها والدول الأخرى، لن يجد هؤلاء اللاجئون مكانا يفرون إليه من قسوة الطبيعة والأسلاك الشائكة التي أحاطوها حولهم، إلا وهما وخيالا بنوا عليه آمالهم.. وعلقوا حوله نجاتهم ..ليكون في الأخير، حلما من سراب .
في هذا المقام يجب أن تعي الجموع من الفارين، أن هذا النزوح نحو المتوسط، معناه تشجيع توافد الهاربين عن طريق الهجرة غير الشرعية وتدفقها نحو أوروبا بواسطة عصابات الرق التي ازدهر نشاطها في تهريب البشر..حتى أصبحت مياه البحر الأبيض المتوسط مقبرة للكثير منهم ..بعدما يفر أصحاب الزوارق...تاركين الجمل بما حمل في لجة الظلام وأعماق البحار.. صحيح الفرار من مواطن الاقتتال هو هروب البشرية من آلة الخراب والدمار، هو فرار إنساني تلجأ إليه الأنفس التائهة من تداعيات الخطر والموت ..لكن في الحقيقة هو أيضا ليس حلا أن تتدفق الجموع البشرية ...في غيابات الجب المتوسط.. ليصير المتوسط مقبرة لهؤلاء جميعا.
مياه البحر المتوسط الآن تستغيث أولئك الذين، جعلوا بلدانهم خيما وملاجئ للكثير من العرب اللاجئين وهي تندب حظها وتستغيث ...أوقفوا هذا النزوح ..لا تجعلوا البحر مقبرة للأحياء ...لا تجعلوا البحر المتوسط عنوانا للموت والنهايات المأساوية التراجيدية .. أتركوا المياه نظيفة، بهية، نقية، تزين زرقتها الحوض المتوسطي ...لا، لن تكون عنوانا جديدا لبحر ميت يتجدد .