عاد التوتر ليخيم مجددا على المشهد في شمال مالي، جراء أعمال العنف المحدودة، التي وقعت بين الحركات المسلحة « غاتيا» وتنسيقية حركات أزواد، أسفرت عن انسحاب هذه الأخيرة مجبرة من منطقة أنافيس. قبل أن يعود الهدوء الحذر عقب تدخل بعثة الأمم المتحدة إلى مالي والوساطة الدولية.
لا يمكن لمن كانوا قبل 20 جوان 2015، أطرافا في الأزمة المالية، وأصبحوا بعد ذلك التاريخ أطراف في مسار الحل وتنفيذ اتفاق السلم والمصالحة، أن يفرطوا بهذه السهولة، فيما تحقق لهم، بعد مفاوضات ماراطونية، وقفت فيها دول الجوار والمجموعة الدولية، إلى جانبهم دون ادخار أي جهد لرؤيتهم ينعمون جميعا في كنف السلم والأمن داخل دولة مالي الموحدة.
فحرب المواقع والتموقع بين الحركات المسلحة، يجب أن تتوقف، ولا بد أن يحترم الجميع، اتفاقات وقف إطلاق النار المتتابعة، خدمة لسكان مدن الشمال، وإثباتا للنية الحسنة في رؤية بنود الاتفاق تتجسد على الأرض، فليس هناك مصلحة لأية جهة من الاستمرار في أعمال الإغارة ومعارك الكر والفر، التي راح ضحيتها عشرات المدنيين الأبرياء.
لقد سبق للمجموعة الدولية التي أشرفت على المفاوضات بقيادة الجزائر، أن دعت الماليين، لاستغلال الفرصة التاريخية التي أتيحت لهم لصناعة سلم دائم بأيديهم، لأن مواطني المدن الشمالية، ليسوا في حاجة إلى أسلحة تحميهم، بل حاجتهم ماسة، إلى المنشآت الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية، فالأطفال يحلمون بالعودة إلى المدارس واستئناف الحياة الطبيعية بدءا من الدخول الاجتماعي المقبل، ولا يريدون أبدا رؤية السيارات الحاملة للرشاشات الثقيلة تحوم حولهم.
قد تعتبر المواجهات الأخيرة متوقعة ومنتظرة كتحديات تقف أمام تنفيذ الاتفاق، لكن التساهل وعدم التعامل بجدية معها قد يؤدي إلى تأزم أكبر للأوضاع ويترتب عن ذلك عودة بخطوات إلى الوراء.