رافق تشخيص الوزير الأول، عبد المالك سلال، لمنظومة الاقتصاد الجزائري خلال لقائه بالولاة، الدعوة إلى البحث عن الآليات الحيوية القادرة، على مرافقة المسعى القائم على التحكم في الحركية المالية ومنحنياتها الناجمة بالأساس عن العوامل الخارجية.
واستنادا إلى تدخل سلال في الجلسة الافتتاحية، فإن الرسالة الموجهة إلى الرأي العام والمتعاملين مفادها أن الحلول موجودة عندنا، ولابد من التفاعل معها قصد الخروج من هذه الوضعية والتوجه إلى آفاق أخرى.
وفي هذا الشأن، كانت هناك كلمات مفاتيح، تؤكد هذا التوجه الصارم منها أن القرارات الرامية إلى إنعاش الاقتصاد.. وامتصاص الصدمة البترولية تشمل العادات، ردود الأفعال والمصالح، مشيرا إلى أنه يتوقع «مقاومة شديدة» نسبيا ولا خيار في إتباع هذا النهج إلا باعتماد الخطاب الصريح تجاه الآخر.
هو امتحان للحكومة في كيفية تسيير المال العام، وحسن استعماله، يكشف أن هناك قناعة تامة في السيطرة على النفقات العمومية، وتوجيهها وفق الاحتياجات الضرورية ومقتضيات الأولويات التنموية لأنه في كل هذا الزخم تعمل السلطات العمومية على حماية الخيارات الاجتماعية مهما كانت الضغوط وهذا في حد ذاته يعد أمرا صعبا وتحديا في نفس الوقت يتطلب رفعه.
وعمليا فإن قانون المالية التكميلي هو الإطار العام الذي تضمن تصحيح مسار الأداء المالي في الجزائر.. على ضوء انخفاض سعر البترول إلى مستوى لا يليق وهذا بالعودة إلى الحلول الوطنية التي تبنى دائما على النظرة الحكيمة والرؤية المتبصرة القائمة على الحفاظ على كل المكتسبات التي وردت في قرار المصالحة الوطنية الذي رسّم الاستقرار في هذا البلد وعليه فإن مرجعية الجزائريين هو هذا العمل الوطني الشامل الذي بعث البلد من جديد وعلى كافة الأصعدة.
ولا يمكننا أبدا أن نقيس نعمة الاستقرار بالمال، لكن لكل واحد مقامه.. لذلك فإن التدابير التي جاءت في قانون المالية التكميلي هي وصفة دقيقة تحمل الأبعاد الشاملة والمتكاملة في النظر إلى متطلبات الاقتصاد الجزائري، ومن ثم الإسراع في تسوية ما يستدعي تسويته، وهذا بالتشديد على مبدأ أساسي ألا وهو المضي قدما في التطبيق لإدخال كل الأموال إلى الدائرة القانونية، مع التفكير في تقوية الخزينة العمومية من خلال الرفع من مداخيلها، وفي هذا الشأن هناك إجراءات تخص المؤسسات التي هي معنية مباشرة بهذا الأمر، بانتقالها إلى تسديد حقوق الاستيراد مثلا وفق نسبة جديدة، كما أن هناك آمالا معلقة بخصوص استرداد الأموال المتداولة في السوق الموازي والمقدرة بـ ٣٧٠٠ مليار.
وهذه الطريقة في التسيير لا تخضع لأي ديماغوجية أو شعبوية وإنما الواقع هو الذي فرضها بحكم نجاعتها تتوجه إلى إزالة أو القضاء على كل مظاهر الإنفاق المتجاوز لحده، والذي يضر بمصلحة المجموعة الوطنية ويلحق الأذى حتى بأمنها.
ورب ضارة نافعة، لأن هناك ممرا إجباريا لابد وأن نقطع مسافة مهما كان الأمر وهو سياق خاص سواء أكان سياسيا أو اقتصاديا، كل بلد يتعرض له وفيه تستجمع كل الكفاءات والمهارات التي بإمكانها أن تساهم في هذا المسعى.
والموعد يوم ١٥ سبتمبر القادم في لقاء وطني يدرس الوضع الاقتصادي للجزائر يليه مباشرة اجتماع مع أطراف الثلاثية.
كل هذا يندرج في إطار البحث عن الحلول الوطنية وتثمينها ليتضح المشهد أكثر فأكثر بالنسبة للجميع تكون دائما مرجعيته الهدوء ثم الهدوء لأن الرهان على الوقت يعد بمثابة استراتيجية بالنسبة لصانع القرار في تعديل الكثير من الحالات.