مرة أخرى، يتحدى الرئيس السوداني، حسن عمر البشير، محكمة الجنايات الدولية، حينما حل أمس، بموريتانيا، للمشاركة في قمة إفريقية مصغرة، حظي فيها باستقبال حار من قبل نظيره محمد ولد عبد العزيز.
البشير المتابع منذ سنوات، من قبل المحكمة بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في مناطق دارفور، يؤكد في كل مناسبة تتاح له، عدم اعترافه بمذكرة التوقيف الصادرة بحقه، ويثبت أنه لا يأبه أبدا لقرارات تلك المحكمة التي تزيد هوة الخصومة بينها وبين إفريقيا من وقت لآخر.
قضية الرئيس السوداني مع هذه الهيئة العقابية الدولية، تحولت إلى ما يشبه قصة قديمة فارغة الأهمية، فهو يتحرك كأن شيئا لم يكن، بل وأعيد انتخابه رئيسا للبلاد، في الأشهر القليلة الماضية بأغلبية ساحقة، ويكتفي كلما واجه سؤال حول مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، بجواب مقتضب، يسرد فيه عدد الدول التي زارها وحل بها، دون أدنى مشكلة، قبل أن يتبعه بابتسامة تحد وثقة.
في الحقيقة، الانتصار الذي تحقق للبشير على محكمة لاهاي، إلى غاية الآن، ليس وليد مجهوده الفردي الخاص، أو ثقته بنفسه وبراءته فقط، وإنما يعود بالأساس غلى التضامن الإفريقي معه، وخاصة الإتحاد الإفريقي، الذي لم يبد انزعاجه من المحكمة ومسؤوليها، واتهمها في أكثر من مناسبة بالعنصرية وتعمد مطاردة القادة والمسؤولين الأفارقة دون غيرهم.
وقد رفضت جنوب إفريقيا، تسليم البشير في جوان الماضي خلال قمة الاتحاد الإفريقي، كما فتحت موريتانيا أمس ذراعيها له، بمناسبة قمة مصغر حول المناخ. وبقدر ما خدم ذلك التضامن الإفريقي، بقدر ما قلل من مصداقية هذه المحكمة وأكد أن إفريقيا لا ترغب في الوصاية القضائية لأي جهة خارجية وقادرة على ذلك بنفسها، كما هو حال محاكمة الرئيس التشادي السابق حسن حبري بالسنغال.