الورقة الرابحة... أوباما في مسقط رأس أبيه

أمين بلعمري
22 جويلية 2015

إن الزيارة التي يقوم بها الرئيس باراك أوباما إلى كينيا، اليوم، شبيهة من حيث الدلالة والرسالة التي تحملها، بتلك التي قام بها زميله الديمقراطي جون فيجيرالد كينيدي إلى إيرلندا قبل 52 عاما خلت، والتي أكد من خلالها آنذاك على الروابط الموجودة بين البلدين بحكم الأصول الإيرلندية للكثير من الأمريكيين واستثمار هذا العامل لتمتين العلاقات الأمريكية مع دول ما وراء الأطلسي أيام الحرب الباردة.
اليوم، ومع تغيّر الأشخاص، الظروف والرقع الجغرافية هي الرسالة نفسها التي تحملها زيارة الرئيس الأمريكي إلى نيروبي، اليوم، لما لهذا البلد من رمزية بحكم الأصول الكينية لأوباما وهي رسالة مغازلة إلى كل القارة الإفريقية، لما أصبح لديها من أهمية جيواستراتيجية جعلتها محط أنظار القوى العالمية الكبرى التي تهرول في سباق محموم من أجل الظفر بمزايا شراكة متميزة مع هذه القارة الغنية بخيراتها وثرواتها من جهة، وباعتبارها سوقا مستقبليا معتبرا لم يعرف حالة التشبع والكساد، كما هو الحال في القارات الأخرى، وكذا بحكم الانتعاش المتزايد للطبقة الوسطى الإفريقية.
إن الولايات المتحدة الأمريكية لم يُرق لها أبدا وهي ترى الصين تتغلغل في هذه القارة من خلال نسج علاقات قوية مع بلدانها؛ علاقة تقوم على شراكة غير مشروطة سياسيا وهي الوصفة التي مكنتها من أن تصبح في وقت قياسي الشريك الاقتصادي الأول للقارة السمراء.
إن هذه الزيارة الرسمية للرئيس أوباما إلى كينيا منذ وصوله إلى البيت الأبيض والتي تأتي بعد أقل من سنة على انعقاد قمة أمريكا - إفريقيا، التي جاءت بمبادرة من الرئيس الأمريكي، وجمعته بأكثر من 40 رئيس دولة وحكومة إفريقية بواشنطن، شهر أوت 2014، تؤكد أن القارة الإفريقية أصبحت تكتسي أهمية استراتيجية كبرى في لعبة التوازنات التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لإحداثها، ليس في سياستها الخارجية فقط ولكن في الرهانات الداخلية للمجتمع الأمريكي، الذي عرف هزات واضطرابات مؤخرا، كشفت عن شرخ كبير داخل المجتمع الأمريكي بسبب موجة العنصرية ضد المواطنين الأفرو- أمريكيين (الزنوج) الذين لايزال يعتبرهم الكثير من البيض مجرد فئة من الدرجة الثانية، في حين أن الواقع بيّـن عكس ذلك وقد يكون وصول رئيس ملوّن من أصول إفريقية إلى الرئاسة، أكبر مؤشر على نفوذ الأفارقة داخل مفاصل الحكم والإدارة في واشنطن، التي تسعى لطمأنة مواطنيها ذوي الأصول الإفريقية بأنهم مواطنون بحصة كاملة وبالتالي تنفض يديها من ماضيها الاستعبادي للزنوج من جهة، ومن ناحية أخرى العمل على توظيف هذا الامتداد الإفريقي داخل القارة السمراء من أجل بناء علاقات متينة معها لاستدراك ما فاتها من الوقت والفرص وهي الوصفة العجيبة التي قد تجعل الأفارقة يفتحون بيوتهم لأمريكا، كما فعلوا مع الصينيين، فهل سيكون أوباما الورقة الرابحة للاستراتيجية الأمريكية في القارة الإفريقية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024