تعرف منطقة غرداية أزمة طال حلها ولا مناص من التفاف أبنائها كافة حول خيار السلم الاجتماعي وغلق الباب بشكل متين أمام فتنة يسعى أعداء الجزائر خائبين مهزومين لمحاولة تمريرها مستغلين اندفاع شباب أهالينا هناك وعصبية بعضهم وغضب البعض الآخر في مشروع ضرب استقرار المنطقة التي سجلت بأحرف من ذهب مشاركتها في الحركة الوطنية والثورة التحريرية وإسقاط كافة المشاريع الاستعمارية.
بالتأكيد لم يهضم أعداء الأمس، والمتربصين بنا اليوم عودة الجزائر إلى موقعها الطبيعي كقوة إقليمية لا يمكن النيل منها تعرف كيف تواجه التحولات الإقليمية والدولية خاصة الاقتصادية، بالتنمية المتوازنة والمستدامة التي تقوم على أساس مصلحة الإنسان الجزائري، كونه مصدر قوة البلد وعماد المستقبل . ولذلك، لا غرابة في أن تكون للأزمة التي تفجرت وأخذت أبعادا خطيرة اليوم امتدادات من خارج المنطقة تحركها وتغذيها أطراف ليست بالتأكيد من أبناء المنطقة الذين يدركون خطورة مشروعهم.
لقد حاولوا أكثر من مرة استهداف الاستقرار في بلادنا لأنهم لم يهضموا ما يتحقق من مكاسب وإنجازات- مهما كان النقاش حولها- كانت بمثابة الدرع الذي تكسرت عليه مخططات النيل من الجزائر، وطبيعي أن لا يغمض لهم جفن وأن لا يهدأ لهم بال طالما بلادنا وغرداية الأصيلة بالخصوص على مسار التنمية والبناء والرقي، وهو المسار الذي يفتقده أكثر من بلد عصفت به رياح الفتنة التي تأكل شعوبها وتعيدهم إلى غياهب التاريخ.
وليس غريبا على سكان المنطقة بتنوعهم الثقافي- وهو قيمة مضافة تعزز قوة بلادنا ضمن الانسجام والتناغم- أن يتصدوا كرجل واحد للمؤامرة التي تصب في مصلحة أعداء الوطن وذلك بالالتفاف حول مائدة الحوار وخاصة في هذا الشهر الفضيل مما يقطع دابر الفتنة ويسقط أوهام مدبريها. في وقت تقف فيه الدولة على واقع الظروف ميدانيا لحماية السكان والمنشآت والمرافق العمومية التي تمثل مكاسب للمجتمع بكل مواطنيه.
إن أمام المنطقة مثلها مثل كل الجهات من ترابنا الوطني آفاق واعدة للنمو والازدهار خاصة في السياحة والفلاحة بالموازاة مع تعزيز أركان دولة القانون وكسر البيروقراطية القاتلة للأمل، ومن ثمة فإن قطع الطريق أمام من يحاول العبث بالاستقرار وبث الفرقة المذهبية المقيتة يعد واجبا على عاتق كل من يحمل ذرة انتماء للجزائر بتاريخها وتضحياتها وتطلّعاتها.