إرادة السلطات العمومية في استتبات الأمن بولاية غرداية، تتجدد في كل مناسبة لإنهاء كل أشكال المواجهات التي كلفت أبناء المنطقة خسائر مادية وبشرية وأتعبت كثيرا مصالح الأمن نظرا للوضع الغامض أحيانا في نقاط معينة.
آخر آلية اهتدت إليها السلطات العمومية تنصيب لجنة المصالحة والتنمية من طرف وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نور الدين بدوي الذي حذر المتلاعبين بالأوضاع من التمادي في هذا الخط المضر بمصالح المواطنين، مشيرا في هذا السياق إلى أنه من الآن فصاعدا فإن الدولة ستضرب بيد من حديد كل من يعمل على زعزعة استقرار هذه الجهة من الوطن.
ولم تمر أيام على هذه المبادرة الخيرة حتى اندلعت أحداث مناوشات عنيفة بأحياء بريان فجرا.
ولذلك جاءت لجنة المصالحة والتنمية في سياقها ومن خلال التسمية التي أطلقت عليها فإن مهامها تنحصر في تشخيص الحالة في الميدان ومن ثم اقتراح الحلول التي تراها مناسبة مع كل الجهات التي بإمكانها أن تجفف من منابع هذا التطاحن انطلاقا من:
* أولا: الإسراع في طرح اقتراحات عملية وواقعية بالإمكان أن تحقق الإضافة المطلوبة، ألا وهي توقيف الاعتداءات على الأملاك والأشخاص.
* ثانيا: التواصل مع الأطراف التي لها تأثير معنوي على المجموعة قاعدته المبادىء والقيم المحلية التي تسود في المنطقة بدلا من خيارات أخرى، قد يتحفظ عليها البعض كونهم لم يتعودوا عليها.
* ثالثا: معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الأحداث وتصنيفها وفق الأولويات وإسناد حلها إلى الجهات ذات الكفاءة في ذلك.
* رابعا: دراسة الوضعية حالة بحالة إلى غاية معرفة مايجري في أرجاء الولاية بإشراك جميع المعنيين.
* خامسا: فتح حوار واسع مع كل الأطراف المراد أن تساهم في هذا المسعى وفق رؤية واضحة محددة المعالم أي الأهداف المتوخى التوصل إليها.
والدلالة الأخرى ذات الصلة الوثيقة بالمصالحة هي التنمية وفي هذا السياق لابد من التأكيد هنا أن الاحداث الجارية في غرداية لاتعطل أبدا مسار التنمية بل تدعمه وتعززه بالتوازي مع عملية استعادة الأمن إلى ربوع الولاية وهذا في حد ذاته معادلة متساوية الأطراف تكمل بعضها البعض من أجل أهداف سامية.
وعليه لابد من أن تشرع هذه اللجنة في أشغالها بإدراج كل الفاعلين في خضم نشاط حيوي طويل المدى يتطلب الكثير من الصبر والأناة، وطول النفس كذلك وهذا ترجمة لطبيعة المشكل القائم وإن كان الجميع في غرداية يدرك جيدا بأن هناك حظوظا وفيرة بأن تعود الأوضاع إلى مجراها العادي.. إلا أن الشرخ قد يكون في الذهنيات التي ماتزال تحمل خلفيات البعض تجاه البعض الآخر فيما يتعلق بالتوجهات العقائدية.. وهنا يكمن الإشكال كل الإشكال.. لذلك جاءت اللجنة المنصبة مؤخرا من أجل أن تكون إطارا ممثلا لكل المكونات في غرداية، قد لايمكن الحسم في هذا الجانب نظرا لحساسيته وأبعاده التاريخية إلا أن الدعوة قد تكون صريحة إلى هؤلاء الفاعلين بأن يعودوا إلى الوضع الأول الذي كان سائدا قبل اندلاع الأحداث والذي سار وفق منطق العرف، الكل كان ملتزما بنظام معروف في تركيبة المجتمع لايتجاوزه أحد بحكم القبول بالآخر مهما كان.. وهذا في حد ذاته بداية حل هذا المشكل مع البحث في المستجدات الأخرى.