تكلّمنا طويلا عن أدب الطفل، وعن أهميته وصعوبته وضرورته، لذا فمن نافلة القول أن نعيد على قرّائنا، مرة أخرى، هذه الأهمية التي لا نجد لها، للأسف، تجسيدا كبيرا على أرض الواقع.
بالمقابل، ننشر في هذا العدد حوارا شيّقا وصريحا مع المسؤول الأول في الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية، وفيه يتطرّق إلى واقع الكتاب العلمي عموما والجامعي بوجه أخص، بما له من أهمية هو الآخر، وارتباط مباشر بالتنمية المستدامة واقتصاد المعرفة.
قد لا يظهر للبعض الرابط بين الكتابين، العلمي والموجّه للطفل، ولكن العلاقة بينهما أكثر من وثيقة، لأنّهما النهايتان في سلسلة طويلة من التنشئة الاجتماعية، والتربية الثقافية (التي سبق وأن خصّصنا لها ملفا في السابق)، وبناء الشخصية المرصّعة بالمواطنة والمدعّمة بالقيم السامية.
إنّ جامعة قوية، واستراتيجية وطنية مبنية على الأسس العلمية، هما أحسن سبيل لتوفير المناخ الملائم والسويّ للعناية بالنشء، ونقصد هنا العناية الصحية، التربوية، وكذا الفنية والثقافية، على أن ينخرط ذلك في سياسة ثقافية خاصة بالطفل، تحدد أهدافها العاجلة في تعويد الطفل على الكتاب والمطالعة والمسرح وأشكال الإبداع، وتكون أهدافها متوسطة المدى تنشئة شباب متّزنين ذهنيا ونفسيا، متشبّعين بالقيم النبيلة روحيا، ومتنوّرين تربويا ومتفوّقين علميا.
أما الأهداف بعيدة المدى، فهي أن ننتج رجالا يحملون على عاتقهم مسؤولية الرقي بالوطن في شتى المجالات، بما في ذلك الجامعة والبحث العلمي، أي الكتاب العلمي، وهكذا نغلق الدائرة التي بدأت بالعلم من أجل تربية نشء سيكبر ليحتفي بذات العلم الذي نشأ عليه في الصّغر.
وطالما لم نتوصّل إلى غلق هذه الدائرة وربط حلقاتها، فإنّنا بالتّأكيد لم ندرك بعد أمرين اثنين: الأول معيار الوقت في العناية بالطفل، الذي يعتبر الاستثمار فيه طويل المدى ولا تقطف ثماره إلا بعد عقود، والثاني أهمية العلم في حياة البشر، لأنه لولا العلم لما أدركنا أهمية الاستثمار في الطفل، ولولا العلم لما فكّرنا في تصور لمستقبل أجيال قد لا نكون أصلا ضمنها، ولولا العلم، لما كنّا أصلا في صدد كتابة هذه الكلمة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.