كنّا قد كتبنا في العمود المنشور الخميس الماضي بجريدة “الشعب”، وعنوانه “قانون الكتاب ودولة المؤسّسات”، نقول إنّ القوانين والمشاريع لا تتعطّل بذهاب شخص ومجيء آخر، وإن كنّا قد خصّصنا بالذكر قانون الكتاب، فلأنّه قد انطلق العمل عليه في عهد وزيرة سابقة، ثم صادق عليه البرلمان في عهد وزيرة أصبحت هي الأخرى سابقة، وقد يحظى بقبول مجلس الأمة، ثم يدخل حيّز التنفيذ، في عهد وزير ثقافة جديد.
لعلّ ما أثار اهتمامنا ها هنا، هو ثقافة المؤسّسات التي يُنتظر من مؤسّسات الثقافة التحلّي بها، متأسّية في ذلك بالوزارة الوصية نفسها، لأنّ الاستمرار فيما فيه خيرٌ للثقافة، مع تعديل ما وجب تعديله في تفاصيل السياسة العامة، هو كما سبق القول دليل صحّة، ومؤشّر ثبات واستقرار في دولة ديمقراطية قائمة على المؤسسات، تضع نصب عينيها الخدمة العمومية، فما بالك إذا كانت هذه الخدمة تتعلّق بقطاع جدّ حساس مثل قطاع الثقافة.
إنّ كلّ استراتيجية تقوم على ركائز، أهمّها تحديد الأهداف، وتوفير الوسائل الكفيلة ببلوغ الأهداف المحقّقة، والتحكم في عامل الوقت من خلال جدولة التحرّكات في إطار زمني قريب، متوسط، وبعيد المدى. ولكن ما يزيد السياسات والاستراتيجيات نجاعة، هو العامل البشري الذي يتدخّل بقوة، والذي يعطي للإنجاز نكهته الإنسانية، لأنّ الهدف من أي سياسة هو، في آخر الأمر، خدمة الإنسان والسّهر على مصلحته. وحده الإنسان ينزع عن مفهوم “الاستراتيجية” جموده، ويضفي عليه حيوية وقدرة على التأقلم. وحده الإنسان يضيف تلك القيمة المضافة للنّصوص والمراسيم، وينفخ في القوانين “روحها”. وحده الإنسان من يمكنه زرع ثقافة المؤسسات والاستقرار والحوار في مؤسسات الثقافة، وينال في المقابل كلّ المؤازرة والاحترام.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
مؤسّسات الثّقافة.. وثقافة المؤسّسات
بقلم: أسامة إفراح
16
ماي
2015
شوهد:532 مرة