قانون الكتاب ودولة المؤسسات

بقلم: أسامة إفراح
12 ماي 2015

كثر اللغط حول قانون نشر والكتاب، الذي صادق عليه نواب المجلس الشعبي بالأغلبية، ويناقش مواده أعضاء مجلس الأمة. ولكن أغلب الكلام الذي يدور في أروقة السياسة، وتتناقله وسائل الإعلام المختلفة، لم يتطرق، للأسف، إلى لبّ القضية والهدف الرئيس من هذا القانون، الذي من المفترض أن يعمل على تنظيم هذا القطاع الحساس، على أن يكون هذا التنظيم مجرد وسيلة تخدم الهدف البعيد المدى، المتمثل في الاستفادة إلى أقصى درجة ممكنة من القيمة المضافة الثقافية، الاقتصادية وحتى الحضارية للكتاب.
إن الكتاب ليس «سلعة» ككل السلع التي نبيعها ونشتريها، فإلى جانب الشق الاقتصادي البحت المتعلق بالاستثمار والتشغيل والتصدير والاستيراد، يحمل الكتاب شقا روحيا لا ماديا، فهو حامل لأفكار، وناسخ لأخرى، قد يصنع من المرء حملا وديعا، كما قد يمسخه وحشا كاسرا يعتدي على ما يعترض طريقه من قيم.
إن النقاش الدائر هنا وهناك، بدل أن يتطرق إلى هذه النقطة بالذات، وهي تحويل قطاع الكتاب إلى قطاع منتج للثروة المادية كما المعنوية، ومنتج للأموال كما الأفكار، هذا النقاش انتقل، بفعل فاعل، إلى لغط سياسي محض، وهنا يجب أن نشير إلى نقطتين نراهما بالغتي الأهمية:
النقطة الأولى هي إمكانية التعديل والتصويب، فالأصل في كل ديمقراطية هي إعطاء الفرصة لأي مبادرة كانت، بما في ذلك القانون، لمحاولة إثبات النجاعة وبلوغ الأهداف المرجوّة، فإذا لم يثبت القانون نجاعته غيّرناه أو عدّلناه، وكما وضعناه ديمقراطيا، نزيحه ديمقراطيا، داخل المؤسسات المنتخبة ديمقراطيا، لأنه في آخر الأمر مجرّد اجتهاد إنساني وليس نصا قرآنيا.
النقطة الثانية تتعلق بالاستمرار في المشاريع والسياسات على الرغم من تغيّر الأشخاص، فقانون الكتاب هذا قد بدأ الحديث عنه والتحضير له زمن وزيرة الثقافة السابقة، وصودق عليه في عهد الوزيرة الحالية، وقد يتواصل العمل به، وتظهر علامات نجاحه (أو فشله)، «ربما» في عهد وزراء قادمين، وهذا الأمر يُحسب لأصحابه، ببساطة لأن السياسات العامة والاستراتيجيات المرسومة لا تتغير بمجرد تغير الأشخاص، أي نعم قد نعدّلها، ونكيفها، ولكننا لا نغيّرها أو نلغيها فقط من أجل التغيير والإلغاء، وهذه ميزة في دولة المؤسسات. والوقت وحده سيثبت نجاعة القانون من عدمها، فهل سنترك لهذا القانون الوقت اللازم ليدافع عن نفسه؟

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024