حملت هوية أمة وأصالتها عبر الأزمنة، ولم تسقط في الاغتراب الحضاري الثقافي. تقاوم رياح العولمة التي تهبّ من كل ربوع المعمورة وترفض الاضمحلال. وضعت من الخصوصية رأسمالها الثابت، قابلة بحركية التغيير والعصرنة في إطار الثوابت، عنوانها الأبدي ومنطلقها الدائم: إنها الصناعة التقليدية التي تعدّ واجهة المقصد الجزائري ورافده الأساسي.
الصناعة التقليدية التي صنعت مجد الجزائر، وأوصلت أوانيها وتشكيلات منتوجاتها المتنوعة إلى أبعد الأصقاع، محتلة أولى المراتب في المهرجانات والمعارض، في حاجة إلى مزيد من التكفل والعناية، باعتبارها موروثا وطنيا لا يفنى.
“ورشات الشعب” التي تسلّط الضوء في عدد اليوم على هذا القطاع، نقلت في استطلاعات وحوارات، هموم حرفيين من مختلف جهات الوطن وانشغالات انصبت حول ندرة المواد الأولية وغلائها والمنافسة غير النزيهة المستمرة، تقودها جماعات الاستيراد الفوضوي المتدفق من كل مكان. وهو استيراد يستدعي المراجعة من خلال توسيع آليات الضبط والمراقبة المعتمدة في إطار “استهلك جزائريا”.
من قسنطينة إلى تلمسان مرورا بالعاصمة، أطلق الحرفيون في تصريحاتهم لـ”الشعب”، صرخات تستدعي الأخذ في الاعتبار، مطالبين بالوقوف إلى جانب من يناضلون في صمت ويتحدون الصعاب في سبيل الترويج للعلامة “صنع في الجزائر”.
700 ألف حرفي عبر الوطن، رفعوا التحدي ورأو في التمسك بهذا الموروث، تمسك بالهوية والانتماء، جاعلين من المتاعب نقطة انطلاق نحو تحقيق مكاسب إضافية وإطلاق العنان لفكرهم وإبداعهم لصنع تشكيلات آية في الجمال والتمايز. هي ورشات مفتوحة في مدينة قسنطينة العتيقة، قصبة الجزائر وأحياء تلمسان، تمنراست ومنطقة القبائل، وغيرها من الأمكنة التي شكلت عنوان المهن التقليدية التي قاومت الآلة ولم تستسلم.
ورشات تنوعت في الوظائف، لكنها أجمعت على هدف واحد: حمل وتسويق العلامة الجزائرية التي يتهافت عليها المواطنون والسياح الأجانب اللاهثين وراء كل شيء يعبّر عن عمق الجزائر، وأصالة مجتمعها وقوة حضارة أمتها الضاربة في الأعماق.
إنها صناعة تحتل الأولوية في الصالون الدولي للسياحة والأسفار، التي يعود إلى الساحة هذا الأسبوع، حاملا معه أجوبة عما تحقق في القطاع الحيوي، عصب التنمية والثروة الدائمة، والقيمة التي لا تقدّر بثمن.
تاريخ و هوية
فنيدس بن بلة
12
ماي
2015
شوهد:466 مرة