التحكم في استراتيجية تسيير المياه في الجزائر توليها السلطات العمومية أهمية قصوى مصنفة إياها ضمن الأولويات التي تستدعي المتابعة الدائمة والأمر يتعلّق هنا بالمشاريع الضخمة المدرجة في البرامج المعدة لهذا الغرض، باستغلال أكبر كمية من الأمطار خاصة حتى لاتضيع في الطبيعة.
والتشخيص الذي كان قبل ١٩٩٩ هو أننا كنا حقا نعاني من نقص فادح في هذا العنصر الحيوي، خاصة من ناحية التخزين وهذا بسبب انعدام رؤية واضحة في هذا الشأن والعمل بذهنية لا تتماشى مع قوّة هذا القطاع.. هذا الفراغ المسجّل في عدم اعتماد أساليب الفعالية والجدوى كلّف عجزا هيكليا رهيبا تداعياته تجّلت فيما بعد على أكثر من صعيد.
وبدءا من سنة ٢٠٠٠ إلى يومنا هذا عملت السلطات العمومية على التكفّل الجدي بهذا الملف تكفلا جديرا بالتنويه نظرا لما تظمنه من العودة إلى تزويد المواطن بالمياه ٢٤ سا / ٢٤ سا.. ووجود قدرات هائلة بالسدود والسقي الفلاحي وغيره.
هذه النظرة لم ترتبط أبدا بالحجج التي نسمعها حول المناخ والجفاف، بل أن الإرادة كانت متوجهة نحو النهوض بالموارد المائية في الجزائر وإعادة الاعتبار لها حتى تثمينها قدر المستطاع، وهذا وفق رؤية تترجم المقاربة الشاملة والمرتبطة أساسا بالتنمية.
وهذه الأسبقية تستند إلى ترقية العنصر البشري، لإدارة القطاع على أساس منطلق جديد يؤسّس لمرحلة طويلة المدى نحن حاليا في صميمها وتفاعلها.. لذلك فإن منشآت الري الكبرى لابد وأن تكون مسنودة بدراية وكفاءة عالية في الزاوية المتعلقة بالتسيير الراشد.
ومهما تكن التحاليل الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية أو البنك العالمي حول استفادة الفرد الجزائري من المياه والتي تبقى نسبية وبعيدة عن الواقع، فإنه يكفي تذكير هؤلاء بمشروع القرن أن نقل المياه من عين صالح إلى تمنراست على مسافة ٧٠٠ كلم لايبطل كل هذه القراءات التقريبية.
لابد من التأكيد هنا بأن الرهان لا يتعلّق بخيار واحد بمعنى الإتيان بالمياه الصالحة للشرب للمواطن، وإنما الأمر يتعدى ذلك بكثير أي ضرورة وضع أرضية واسعة قصد إيجاد آليات تثبت هذا الخيار الخاص باستحداث منظومة للمياه تترجم السياسة المتبعة وربطها بعملية التنمية وبالأساس الفلاحة.
وعليه، فإن ما أنجز إلى غاية يومنا هذا يعد عملا في غاية الأهمية، وهذا باستدراك تأخير تجاوز قرابة الـ ٢٠ سنة على الأقل في الثمانينات والتسعينات وهذا بوجود ٧٠ سدا حيّز الاستغلال، ١٤ في طور الإنجاز بقدرة استيعاب ٨.٤ مليار متر مكعب، وبإمكان الجزائر تجنيد ١٨ مليار متر مكعب. كما تتوفر على ٩ محطات لتحلية مياه البحر، ٤ منها بصدد التحضير، بإمكانيات إجمالية ٢.٣ مليار متر مكعب، في حين أن ١٤٠ محطة للتصفية سمحت باسترجاع ٨٠٠ مليون متر مكعب.
هذه العيّنات من المؤشرات تبيّـن أن هناك واقعا جديدا في هذا القطاع، يتابع عن قرب في الميدان من أجل استرجاع ما يمكن استرجاعه من المياه.
العقلنة خيار حيوي
جمال أوكيلي
10
ماي
2015
شوهد:658 مرة