عاشت السّينما الجزائرية بعد الاستقلال أوجّ عطائها، من خلال الأفلام التي كانت تنتج آنذاك على يد عمالقة الفنّ السّابع، حيث كانت قاعات العروض تمتلئ عن آخرها بجمهور ذوّاق ومحبّ للسّينما الجزائرية، يضع ثقته في مخرجين سعوا إلى تقديم أفلام تلبّي تطلّعاتهم.
فقد كانت الجزائر تزخر بعديد القاعات بعد الاستقلال، إذ كانت تتوفّر على ما يقارب 450 دار للسينما. وقام الرّئيس الرّاحل أحمد بن بلة بتأميم السّينما بقرار 67 ـ 53 يوم 19 أوت 1964، حيث تمّ تسليم دور السّينما للمركز الوطني للفيلم، والتي ساهمت في عرض أشهر
الأفلام، ناهيك عن استيراد 100 فيلم كل سنة.
وبهذا عرفت تلك الفترة رواجا في مجال الفن السّابع بالجزائر، حتى أنّ بعض القاعات المتواجدة بالعاصمة كانت موجّهة كل واحدة منها لعرض أفلام متخصّصة. وعلى سبيل المثال كانت تعرض بقاعة “دنيا زاد”، والتي ما تزال مغلقة إلى يومنا هذا دون سبب يذكر الأفلام المصرية، في حين كانت تعرض بقاعة “أولمبيا” الأفلام الهندية والتي تشهد حاليا عملية ترميم ، أما الأفلام السياسية فكانت تعرض بقاعة “جرجرة”، وحسب بعض المنظمين سيتم افتتاحها قريبا. وبخصوص عشّاق الأفلام الرّومانسية كانت وجهتهم نحو سينما “الخيام”، والتي أعيد فتحها مؤخّرا للجمهور، على أمل أن تستعيد بريقها، ولن تكون فقط مجرّد أبواب مفتوحة لنشاطات لا تسمن ولا تغني من جوع.
ولأنّ دوام الحال من المحال، أصبحت هذه النّشاطات من الماضي، وما زاد الطّين بلّة حين تمّ حل المركز السّينمائي، ليخلفه المكتب الوطني لقطاع السّينما، حيث باع المركز أزيد من 250 دار للسّينما لشركات الإدارة الخاصة، وبدأ القطاع يعيش الفوضى في غياب القوانين التي تؤطّره.
أغلقت بعض القاعات وحوّلت أخرى إلى مدرّجات جامعية وهيئات رسمية وقاعات للحفلات، وقاعات أخرى أصبحت ملكا للخواص تعرض فيها أفلام ‘’دي في دي’’ دون احترام القانون. أصبحت هذه الأمور عادة غير محدودة في الجزائر، فلا إشكال في غلق قاعة للسّينما، أو تحويل نشاطها للمصلحة الشّخصية، ليلقي ذلك بضلاله على الفن السّابع.
وبالرّغم من أنّ السّلطات المعنية رصدت غلافا ماليا معتبرا، من أجل إعادة تأهيل قاعات السّينما وترميمها، إلاّ أنّ العملية تسير بوتيرة بطيئة، حيث ما تزال أغلب القاعات في هيئتها المرثية تنتظر الالتفاتة، حتى تعود السّينما الجزائرية إلى الزّمن الجميل.
عودة الزّمن الجميل
هدى بوعطيح
09
ماي
2015
شوهد:543 مرة