الحنين إلى سياحة الأبيض والأسود

نور الدين لعراجي
03 ماي 2015

الانشغال الذي أردنا إيصاله إلى وزيرة السياحة والصناعات التقليدية نورية زرهوني، ظل هاجسا يؤرق الكثيرين من الجمعيات المهتمة بالقطاع ووكالات السياحة والعاملين في قطاع التربية، ما تعلق منه بالسياحة المدرسية أو التسويق للسياحة من خلال المدرسة، ذلك التقليد الذي عايشناه في سبعينيات القرن الماضي أين كان للمدرسة الدور الريادي في التسويق للعامل السياحي، حيث كانت المؤسسات التربوية تشتغل على هذا المنوال انطلاقا من العمليات الاستكشافية والرحلات المدرسية التي كانت تنظمها بصورة دورية على مدار السنة ورسخت كتقليد، في المنظومة التربوية أين هي اليوم؟
 اكتشفنا السياحة المدرسية من خلال رحلات لمناطق مختلفة من الوطن، تروج للموروث الثقافي والسياحي منها من هي في الهضاب والجنوب والشرق والشمال، فعلى سبيل المثال عرفنا المناطق السياحية بمدينة بوسعادة ونحن صغارا في المدرسة الابتدائية ومازالت تلك الصورة العالقة في الأذهان إلى اليوم، فكلما عدنا أدراجنا إلى الوراء اكتشفنا تلك الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود التي نفرح عندما نستلمها من مدير المدرسة، تلك الفضاءات لم تكن حكرا على تلاميذ المدارس بل الأجانب من كل دول العالم بمختلف جنسياتهم يحجون إليها، بفرح وشغف، لأنهم يبحثون عن البساطة والطبيعة التي تزخر بها الجزائر، نفس الملاحظة التي يمكن أن نسجلها في منطقة تيمڤاد وجميلة ومناطق غوثي بباتنة والشريعة بالبليدة والشفة وتيكجدة ومنبع الغزلان بسكرة والكثير من المناطق التي عرفناها في زمن الأبيض والأسود، هنا لا أتحدث عن هذه الامكنة فقط، لأن الجزائر تملك العديد من الفضاءات التي يمكن الاستثمار فيها بطرق بسيطة لا تحتاج إلى تكاليف كثيرة، لكنها للأسف غابت في زمن الرقمية والانترتيت.
عندما كنا نروج لسياحتنا انطلاقا من قناعاتنا البسيطة، كانت الجزائر قارة لكل الأطياف، لكن ما أن تخلينا عن بعض من تراثنا الضارب في التاريخ، بدأنا نختفي في زحم الحضارة والتمدن. فالسياحة كما ذكرت الوزيرة ليست الشمال فقط أو السواحل والفنادق وحدها من تساهم في تنمية هذا القطاع الحساس، لكن يجب أيضا، أن تتغير الدهنيات أمام هذا النزوح السياحي، حتى نتمكن من الترويج لهذا القطاع الذي يعتبر ثالث مورد اقتصادي يقوم عليه اقتصاد الأمم، السياحة تبدأ من البيت ثم المدرسة ثم الشارع والجمعيات والهياكل لتكبر في المطويات والدليل والمستثمرين والمهتمين بالقطاع في الملتقيات والمنتديات والأيام التحسيسية وغيرها ليست نظرة تشاؤمية بقدر ماهي خطوة إلى تفعيل الذات مع إشراك الجميع ليتحمل كل شخص مسؤولية الترويج لبلاده عن طريق السلوك والرياضة والتاريخ والاقتصاد والمدرسة والسياسة وغيرها، خاصة وأن العالم اليوم أصبح قرية مفتوحة، السياحة والاستجمام والترفيه ليست بمنأى عن الحقيقة الواحدة وهي كيف نوظف أفكارنا للاستفادة من تجارب الأمس وجعلها منطلقا رئيسا، نحو خلق سياسة سياحية من شأنها أن تكون المورد الاقتصادي الأهم في البلاد بعد النفط.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024