عرف البحر الأبيض المتوسط مأساة أخرى ضحاياها هذه المرة وككل مرة المئات من المهاجرين الذين ينعتونهم بغير الشّرعيين، أولئك الفارين من الموت على اليابسة بسبب الاضطرابات والحروب ليجدوه بانتظارهم في غياهب البحار.
إنّ هذه الظّاهرة المتفاقمة تستدعي أولا وقبل كل شيء تحديد المسؤول عن هذه المصيبة التي تلتهم الآلاف من الشباب كل سنة، شباب ينتهي بأغلبهم المطاف طعاما للأسماك والحيتان في عرض المتوسّط، والقلة المحظوظة منهم يلقى عليها القبض بتهمة الهجرة غير الشّرعية، فيما لم يترك لهم إلا هذا المنفذ بعد أن تحوّلت بلدانهم إلى جحيم بسبب “ربيع” الفوضى
والدّمار الذي جعلها من أكبر الدول المصدّرة لقوافل الموت إلى سواحل أوروبا التي توصد في وجوههم أبواب حصونها، متناسية أنّ لديها قسط من المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع بينما كانت تتبجّح في أوّج أحداث الرّبيع العربي عن مرافقة شعوبه في حلم التّحول الديمقراطي بينما استفاقت تلك الشّعوب على كوابيس الفوضى والإرهاب.
حان الوقت للكفّ عن تسييس معضلة الهجرة الشّرعية، وذرف دموع التّماسيح على ضحاياها دون اتّخاذ أيّة تدابير ناجعة للقضاء على الظّاهرة من خلال العمل على إعادة السّلم والاستقرار إلى ليبيا وسوريا والعراق، وكل بؤر التوتر الأخرى التي أصبحت تهدّد السّلم والأمن الدوليين.
وليس أمن أوروبا وحدها التي تعطي الدّروس في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، في حين تحرم في الوقت نفسه الآخرين من حق مقدّس وهو حق التنقل بكل حرية، وهي تغلق كل القنوات القانونية والمشروعة لدخول الأراضي الأوروبية، وهذا من أكبر العوامل التي ساهمت في انتعاش وانتشار ما يطلق عليه الهجرة غير الشّرعية.
والسّؤال الذي يفرض نفسه في الأخير هل الإجراءات التي تفرضها أوروبا أمام الهجرة بين ضفّتي المتوسّط شرعية وقانونية؟!
المتوسّط..التراجيديا متواصلة
أمين بلعمري
20
أفريل
2015
شوهد:516 مرة