الأكيد أن صنّاع السّلاح مبتهجون بالنّزاعات المسلّحة والتدخّلات العسكرية والفتن الدموية الملتهبة في الكثير من البلدان العربية والإفريقية، طبعا فكلّما شبّ نزاع إلاّ وتضاعف الإنتاج وارتفعت المداخيل، وتكدّست الأموال التي تذهب لتحقيق رفاهية الفرد الغربي الذي يستمتع بحياته ولا يدمّرها كما يفعل المعتوهون الذين يحرقون بلدانهم بأنفسهم.
ومثل صنّاع السّلاح، تحوّلت المصائب العربية التي صنعها الربيع الدّموي إلى نعمة كبيرة بالنسبة إلى تجّار النفط الذين يلتهمونه إلتهاما بعد أن أصبحت آباره في متناول لصوص الثروة.
ومقابل هؤلاء أولئك الذين يحصدون الثمار من بين الدّمار الذي أصاب بلاد العرب هناك في الجهة المقابلة، من يدفع الثمن غاليا دون أن يكترث لحالهم أحد، وفي أحسن الأحوال تسكب عند ذكرهم بعض القطرات من دموع التماسيح لا أكثر ولا أقل...
بألم وحزن عميقين، نستذكر هنا المآسي الإنسانية التي تخلّفها التوتّرات التي يعيشها العرب والأفارقة، آلاف الضحايا والنازحين واللاجئين واليتامى والأرامل والثكالى والفقراء والجياع والمرضى والموبوئين، والمهاجرين السريّين الذين تبتلعهم البحار..
مشاهد مروّعة في مخيّمات اللّجوء والنّزوح، التي تنبت كالطفيلات هنا وهناك، ومشاهد أكثر إيلاما لأولائك الذين لم يسعفهم الحظ للفرار بجلودهم، فحاصرهم زبانية الموت بوحشيتهم ودمويّتهم ليذيقوهم المنية في أبشع صورها.
للأسف الشديد، ملايين المدنىّين يكابدون ويعانون، ولا أحد يسمع أنينهم، طبعا فالكل منشغل بجمع الغنائم وعدّ المكاسب والهيئة الأمميّة تبدو أضعف من أن تغيّر واقعهم أو تفي باحتياجاتهم، لكن هذا الواقع المرير لابد أن يتغيّر وعلى العالم أجمع أن يتحرّك فيخرج في مظاهرات متعاطفة تدعو إلى وقف تأجيج وعسكرة الأوضاع في بلاد العرب، وتفرض على القيادات الغربية الفاعلة وقف تأليب هذا الطرف على ذاك وتسليح هذا الفريق والآخر، وإيجاد تسويات تعيد الاستقرار وتطفىء النيران الملتهمة.
وبإمكان هذه القيادات تحقيق ذلك لأنّها بالأساس من صنع الأزمات وخلق المآسي التي يتخبّط فيها ملايين التعساء
تجارة الموت
فضيلة دفوس
20
أفريل
2015
شوهد:634 مرة