تعمل الجزائر، منذ سنوات طويلة، على تجريم كل مظاهر وأصناف الإرهاب مهما تنوعت أشكاله وأنواعه، سواء تعلق الأمر بدفع الفدية، التموين، احتضان العناصر الإرهابية، تقديم الدعم المادي، اللوجيستيكي، عبر الخلايا النائمة في الكثير من الدول.
كل هذه المظاهر سبق للجزائر وأن صنّفتها عبر منظومتها التشريعية وخصّصت لها ترسانة من القوانين والأحكام التي تضفي أحقية العقاب، باعتبار الدولة هي الطرف المدني والضحايا من المواطنين تضمن لهم حق القصاص مما لحق بهم من تراكمات نفسية جراء حالة الفقد الذي لحق بهم، ولا غرو أن الجزائر ومن خلال تجربتها الرائدة في متابعة هذه الجماعات الإرهابية ومحاربتها لكل أشكال الجريمة، سعت دوما أن تمنح هذه التجربة إلى العالم عبر المجموعة الدولية، باعتبارها أولى الدول التي شهدت هذه المرحلة التراجيدية الدموية، من القتل والدمار وتهديم البنى التحتية لكل المؤسسات الاقتصادية ذات البعد الإنتاجي والتنموي.
تم تصنيفها كجريمة منظمة، نظرا للتشكيل المسلح الذي يضمها والموزع وفق خطة إرهابية استئصالية، يمارس كل أنواع القتل ضد المدنيين والعزل، إضافة إلى استهدافه كل المنشآت الحيوية والنقاط الحساسة في الدولة وحادثة تيقنتورين خير شاهد على ذلك، ثم اعتبرتها المنظومة الأمنية جريمة عابرة للقارات، نظرا للبعد الدولي الذي تتمتع به هذه الجماعات من خلال عملية تجنيد أطراف أجنبية من المجندين أو من خلال القنوات غير الرسمية التي تتخذها قيادات هذه الجماعات المسلحة منابر رئيسية لبث أطروحات الهمجية الإسلاموية ذات البعد الجهادي المارق، كتنظيم جند الخلافة، أو ما يطلق عليه «تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق - داعش»، إو القاعدة، أو حتى الفصائل الأخرى ذات التشكيل المسلح الإرهابي.
ففي الوقت الذي كانت الجزائر تندد فيه بهذه الظاهرة المسلحة والإرهابية، كانت بعض الدول تحتضن عناصر هذه الجماعات على أراضيها، بدافع حرية الرأي وحماية حقوق الإنسان.
استمرت الجزائر في هذا المنهج لمحاربة كل ما من شأنه أن يهدد الوحدة الترابية ويمس بحرية الأفراد والجماعات، إلى غاية أن استفاقت المجموعة الدولية من غفوتها مدركة أن العقيدة الجزائرية في محاربة الإرهاب هي سابقة دولية عالمية، سواء عبر المنابر العالمية أو الأممية، مما أكسبها المرجعية في التصدي لهذه الظاهرة وجعلها نموذجا في مراكز البحث الاستخباراتية ومراكز الدراسات الاستراتيجية، لما قدمته الجزائر من تجربة فاقت السنوات، مانحة العالم مرجعية أمنية هي الأولى من نوعها في العالم.
إلى هنا يبدو الأمر مستساغا، لو أعدنا تفاصيل الحكاية إلى بداياتها، لكن ما يبدو أنه ليس بالعادي هو النشاز من الأصوات التي تغرد خارج سرب الواقع، متخفية وراء الأقبية، همها الإنقاص من مجهودات قوات جيشنا الوطني الشعبي، ومحاولة تشويه هذه المؤسسة السيادية، لكن هيهات هيهات أن يحجب غربال الرداءة شمس التضحية والصمود.
تجـريـم الإرهــاب... العقيــدة والمرجعيــة
نورالدين لعراجي
30
مارس
2015
شوهد:592 مرة