مسافة الألف ميل تبدأ دائما بخطوة، والخطوة الأولى نحو حلحلة الأزمة الليبية تمّ قطعها من خلال جولات الحوار التي شهدتها كلّ من غدامس، جنيف، الصخيرات والجزائر .
وضعت مجموع هذه اللقاءات التي ترعاها الأمم المتحدة وتشارك فيها الجزائر كطرف فاعل و محوريّ، القطار الليبي على سكّته الصحيحة، إذ جمعت لأوّل مرّة الفرقاء الذين كانوا يرفضون الإلتقاء ببعضهم البعض حول طاولة واحدة، وجعلت كلّ طرف يصغي لمطالب الطرف الآخر ولوجهة نظره حول تجاوز الأزمة التي بدأت صغيرة وأخدت تكبر ككرة الثلج إلى أن حوّلتها المجموعات الإرهابية التي دخلت على الصفّ بإيعاز من جهات خارجية، إلى قنبلة موقوتة تفجيرها سوف لن ينسف ليبيا فقط بل وجوارها أيضا لتصل شظاياها إلى أبعد منطقة ممكنة.
جلسات الحوار الليبي الأولى كسّرت حاجز الثقة بين أطراف الأزمة، ووضعت اللّبنة للحلّ السّلمي التّفاوضي وحدّدت معالم المسار الديمقراطي الذي يقود ليبيا إلى برّ الأمان، و هذه النتيجة لا يمكن الاستهانة بها خاصّة و أن جميع المتحاورين تقاطعوا حول نقطة انطلاق واحدة وهي الاتفاق على أن لا حلّ للأزمة خارج المفاوضات، كما أجمعوا على نبذ الإرهاب، وصون وحدة البلاد.
معالم الحلّ بليبيا تحدّدت ما في ذلك شكّ، وقطار الحوار وضع على سكّته الصّحيحة من الجزائر التي رفضت حصر البحث عن مخرج سلمي للأزمة في أطراف دون أخرى، بل أصرّت على إشراك كلّ الليبيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم بمرافقة منها ومن المجتمع الدولي الذي اقتنع بالرؤية الجزائرية للتسوية السلمية في ليبيا، كما أقرّ ولو متأخّرا بخطئه الجسيم عندما دفع بـ«الناتو” للتدخل عسكريا قصد الإطاحة بالنظام السابق، فكان تدخله هذا بمثابة هزّ لعشّ الدبور، وزجّ بليبيا في غياهب العنف والفوضى.
لاشك أن الليبيين بحاجة إلى من يساعدهم ويرافقهم لبلوغ برّ الآمان، والمؤكّد أن الجزائر خير من يقوم بهذه المهمة لعدّة عوامل، بداية عامل الجوار، حيث تمتد حدودها مع ليبيا لـ 982 كلم وهي مجبرة على تأمينها، ثم هناك مصداقيتها وحرصها على إطفاء النار التي تحرق الأشقاء هناك، فهي ليست لها أطماع هناك غير حرصها على استتباب الأمن والاستقرار من خلال الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة و إعادة بناء أسس الدولة بشكل توافقي وعبر صناديق الاقتراع، وفوق ذلك للجزائر تجربتها الرائدة في مكافحة الارهاب والتي سيستفيد منها الليبيون بكل تأكيد.
ويبقى في الأخير التّشديد على ضرورة أن يلتزم فرقاء ليبيا بمسار السلام،ويقدّموا مصلحة البلاد فوق مصالحهم الضيّقة، فبدون التزامهم هذا ستفشل كلّ جهود التسوية، وستسقط البلاد بمن فيها في الهاوية.
كلمة العدد
عرّاب السلام
فضيلة دفوس
16
مارس
2015
شوهد:506 مرة