ملف سائقي سيارات الأجرة ما بين الولايات ما يزال يراوح مكانه دون أن تجد له مديريات النقل الحل اللائق الذي يسمح أن تمارس هذه المهنة الحرة في أطر قانونية تراعي مصالح الجميع دون أي إجحاف يذكر.
وحاليا، فإن تنظيم هذا القطاع بعيد المنال يتطلب وقفة تقييم لانشغالات كل الناشطين في هذا المجال، وهذا من خلال معرفة مطالبهم الملّحة التي طالما عبّروا عنها ورفعوها للجهات المسؤولة، لكن لا حياة لمن تنادي لتبقى دار لقمان على حالها ولا مبادرة في الأفق توحي بالوصول إلى انفراج في الآجال القريبة.
ومع مرور الوقت، تتسّع دائرة مشاكل سائقي سيارات الأجرة ما بين الولايات ويتعقّد هذا النشاط يوم بعد يوم نظرا لغياب مؤشرات الحوار بين أصحاب هذه المركبات والإدارة المشرفة مباشرة على هؤلاء، لذلك تسجل من حين لآخر مواقف متصلبة، أدّت بالكثير إلى التخلي عن هذه المهنة بسبب الفراغ التنظيمي الذي لم يرق حتى الآن إلى مستوى تطلعات السائقين، خاصة على مستوى المحطات التي لم تعد صالحة للخدمة في فصلي الشتاء والصيف، والأكثر من هذا، فإن إرساء قواعد عمل واحدة وموحدة غير موجودة، فالكثير من المحطات أصبحت تستقبل أعدادا هائلة من سيارات الأجرة الداخلية خاصة في المدن الكبرى، هذا الضغط حرم البعض من الحصول على “حقه” في نقل الناس إلى نقاط بعيدة داخل الولايات، مما ألحق بهم أضرارا مادية وحتى معنوية، عندما يشعرون بأنهم في بطالة مقنعة، طيلة أسبوع كامل لا يتحركون من مربع ركن سيارتهم، مما يعود عليهم بالسلب من كل النواحي.
والأدهى والأمر هنا هو أن البعض من سائقي سيارات الأجرة في ولايات معيّنة يمنعون زملاء لهم من نقل زبائن إلى جهات معينة، مطالبين إياهم بالعودة “شاغرين” إلى محطاتهم الأصلية، مما يضطر بهؤلاء إلى انتظار المسافرين أو بالأحرى “التقاطهم” عبر الطرق السريعة، بعد أن حرموا من عملهم في الأطر النظامية المتعارف عليها.
وهذه العيّنات وغيرها التي لا تعد ولا تحصى تحدث أمام أعين مديريات النقل بالولايات ولا يتحرك أحد من أجل إعادة الأمور إلى نصابها مما يضخم في طبيعة العراقيل التي تقف حائلا دون المضي قدما باتجاه آفاق أخرى تعيد المهنة إلى مسلكها الحقيقي، دون تدخل من الإدارة التي تجهل في كثير من الأحيان، ما يجرى في الواقع أو تترك الأشياء تزداد تعقيدا، يصعب حلها مستقبلا”.
ويكفي اليوم الانتقال إلى عين المكان ليستمع المسؤولون إلى ما يقوله السائقون بخصوص المشاكل القائمة التي ما تزال تعترض المهنة.
ونحاول في هذا الملف الاطلاع على نماذج من المناطق التي تتواجد بها سيارات الأجرة ما بين الولايات، لمعرفة حقيقة ما أشرنا إليه سالفا، من انعدام الجانب التنظيمي في تسيير هذا النشاط مما أدخله في فوضى لا يمكن التحكم فيها، إن لم يسارع مسؤولو مديريات النقل إلى التقرب من هؤلاء سواء كأفراد أو كممثلين، لفتح حوار بناء بين الجميع لضبط المشاكل في انتظار إيجاد التسوية اللائقة لها بمشاركة كل المعنيين العاملين في الميدان، لأنه يستحيل استمرار الحال على هذا المنوال الذي لا يخدم أحد إن استمر هكذا دون تدخل السلطات العمومية، وأول عمل يتطلّب التكفل به هو مراجعة النصوص التي تجاوزها الزمن.
كلمة العدد
مهنة في حاجة إلى متابعة
جمال أوكيلي
15
مارس
2015
شوهد:452 مرة