هل تحترم الجماعات المحلية المخططات العمرانية على مستوى البلديات والولايات؟ سؤال يتبادر إلى ذهن كل من يلاحظ أن وجه هذه الفضاءات تغيّر تغيرا جذريا إلى درجة تحوّلها إلى ورشات مفتوحة للمشاريع والبناءات.
والسرعة في الإنجاز بحكم متطلبات البرامج المعدّة لهذا الغرض، لم يترك للأسف الهامش الذي يسمح للمشرفين بأن يراعوا عوامل عدّة منها مطابقة التصميمات الهندسية مع المنظر العام للمدينة.
هذا التوجّه غائب في الوقت الراهن، مما أوقع هذه الخيارات في مطّبات أخطاء غير متعمّدة، غير أنها أثّرت تأثيرا مباشرا في المشهد الكامل للمواقع التي كانت عبارة عن فتحات إما لدخول الهواء أو إطلالة على الجهات الأخرى. وحاليا فإن كل هذه “الأعماق” أغلقت للأسف.
بعد أن تم محاصرة المدينة بالعمارات والفيلات والمحلاّت وهياكل إدارية انتقلت العدوى إلى تلك المداشر والقرى والمساحات أي خارج الأمكان الآهلة بالسكان، لتحتل كيلومترات من الأراضي هي أصلا صالحة للفلاحة، قضت على ما تبقى من أمل في الحفاظ على المناطق العقارية، كما وردت في المخططات العمرانية الأولى ومما زاد في الطين بلّة أن الخواص باعوا جل أراضيهم لكل من أراد الشراء وانعكس ذلك بالسلب في طريقة البناء وهذا ما يقع في كثير من ولايتنا إلى حد لا يمكن تصوّره أبدا.
وهذا البيع تمّ دون استشارة السلطات المحلية في الجوانب المتعلقة بما يعرف بالمنفعة العامة. هل يليق المشروع المفتوح في جهة معينة أم لا؟ مثل هذه الصيغة القانونية متعامل بها عندما يكون هناك تحفظ أو اعتراض على الآثار التي قد يسببها في المستقبل من كل النواحي!؟.
لا يكفي اليوم أن يدّعى البعض بأن هناك أولويات في قطاعات معينة كي يطلق العنان لتدابير مضّرة بالتهيئة العمرانية وهذا من خلال الذهاب إلى الحلول السهلة، أي تشويه المدن بكثرة البناءات وهذا ما نلاحظه حاليا دون العودة إلى الصرامة في مثل القرارات الخطيرة التي تقوّض أركان المدينة في كثير من الأحيان، ومن حق السلطات المحلية أن تتدخل من أجل تقدير الآثار المترتبة عن تشييد أي مشروع من خلال الصلاحيات المخولة لها لتفادي كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمدينة. ومثل هذا العمل غير موجود كل من يتحصل على رخصة يعيث فسادا في الجهة التي يحوّلها إلى ورشة تعرقل كل شيء في غياب كلي للسلطات المحلّية. ومع مرور الوقت يسجل ذلك التناقض في المخطط العمراني للمدينة وكذلك يلجأ فيما بعد إلى إجراء التهديم بواسطة القوة العمومية، فلماذا ترك الأمور تصل إلى هذا الحدّ ثم يتم التصرّف بالأساليب الأخرى؟.
هذا الفراغ الموجود حاليا، على مستوى الجماعات المحلية في متابعة تلك البناءات، أثّر كثيرا على المخططات العمرانية، وبخاصة الشكل العام للمدينة، الذي أصبح عرضة لكل التجاوزات من قبل أناس همهم الوحيد والأوحد وما يحقق مآربهم الضيّقة على حساب الصالح العام، ولا يمكن التمادي في تشويه المدينة بهذا البناء الفوضوي الخارج عن النظام الموجود في المدينة من حيث التصميم المتكامل الذي مرجعيته تصور متناسق.
كلمة العدد
حتى تتوقف التجاوزات
جمال أوكيلي
08
مارس
2015
شوهد:482 مرة