قدّم وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، لدى اختتامه أشغال حفل التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلم والمصالحة الوطنية بمالي، التفاتة مهمة أشار فيها إلى قيمة وأبعاد العمل المنجز مع الماليين وفيما بينهم، حين رأى فيه تأكيدا على قدرة الأفارقة على حل مشاكلهم بأنفسهم بمساعدة المجموعة الدولية.
الحقيقة أن كلام الوزير، ليس مجاملة أو إطراء جاء في سياق تتويج المفاوضات المالية باتفاق سلمي، وإنما رسالة إلى دول إفريقيا والمجموعة الدولية والقوى الغربية الكبرى، مفادها أن مسعى «الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية» الذي يضعه الاتحاد الإفريقي كهدف سام، بات مجسدا في نموذج مسار الحوار الشامل المالي.
فقد بات ممكنا للأفارقة أن يحققوا نجاحات أخرى، تبنى على أسس الحلول الذاتية المبنية على الحوار، تلعب فيها المجموعة الدولية دور المرافق والمساند بما يعزّز شرعية وانسجام ما يتم بلوغه من اتفاقيات مع القانون الدولي.
لقد ساهمت الجزائر بصفتها رئيسا لفريق الوساطة الدولية، رفقة النيجر، موريتانيا، بوركينافاسو، تشاد ونيجيريا، في صياغة وثيقة السلم والمصالحة الوطنية في مالي، وقربت بين الحكومة والحركات وبين هذه الأخيرة مع بعضها بعضا، واستطاعت أن تذلل ما بينها من عقبات في انتظار التوقيع النهائي خلال الأيام القادمة، عبر هذه المنهجية.
وتستطيع دون شك هذه الدول وغيرها من بلدان القارة، أن تفعل بالطريقة ذاتها، لحل الأزمة الليبية المستعصية، وباقي الأزمات في إفريقيا الوسطى وجنوب السودان، شرط أن تمنح القوى الغربية كامل الفرصة للحوار، وأن لا يزيد انخراطها عن الدعم والمتابعة والتشجيع تماشيا مع القيم التي ترفعها، مع الكف عن سياسة الإملاء والتدخل في الشؤون الداخلية أو دعم طرف على حساب آخر، كما جرت العادة.
وتحتاج هذه المبادرات، إلى عناصر أساسية لتكلل بالنجاح، كالعمل في هدوء وصبر وشفافية، إلى جانب إصرار الأطراف المشاركة، وفوق هذا كله وعي الأطراف المعنية بالمصلحة العليا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.