نظرة واقعية.. ورؤية استشرافية

جمال أوكيلي
27 فيفري 2015

وصف السيد عبد المجيد عطار، المدير العام السابق لسوناطراك، مبادرة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بإرسال مبعوثين الى البلدان المنتجة للبترول بالجيدة كونها مبنية على نظرة واقعية ورؤية استشرافية تسمح ببحث كل النقاط التي تستدعي إثارتها في سياق كهذا، بالاضافة الى تحسيس تلك الدول بالأهمية القصوى والضرورية للحفاظ على مستوى معين من الأسعار بتجنيب مزيدا من التدني المسجل منذ فترة.
وفي نفس السياق، فإن فتح باب التشاور الثنائي والمتعدد الأطراف مع كل المعنيين سواء المنضوين تحت قبة الأوبيب أوخارجها والذي باشرته الجزائر، ينمّ حقا عن وعي كبير يتطلع باتجاه إعادة لم شمل أعضاء هذه المنظمة وإبلاغهم رسالة مفادها أن المسؤولية ملقاة على الأعضاء من أجل إعادة الأوضاع الى مجراها الطبيعي.
وبالرغم من محاولة إغراق السوق ووجود عوامل محيط مؤثرة فعلا لا يمكن التحكم فيها كونها خارجة عن نطاق الجميع، هذا لا يمنع أبدا من التحرك باتجاه استقرار السوق، ولم لا العودة الى سابق عهدها من حيث الأسعار خاصة.
وهذا هو الانشغال القائم لدى كل من يعمل حاليا على إعادة الاعتبار لـ« الأوبيب” مهما كانت الأحكام المسبقة والقاسية أحيانا تجاهها إلا أنها تبقى الاطار المنظم القادر على مناقشة كل المستجدات التي تخص البترول حتى وإن لاتوجد مؤشرات على أي توّجه لإلتئام أعضائها نظرا لسقوط القرار في قراءات تارة اقتصادية وتارة أخرى جيو ـ سياسية، وفرض مقولة: “كل واحد وحجته” هي الأكثر حضورا في قضية الأسعار، هناك من لايقبل أن يتحكم من هم خارج الأوبيب في مصير السوق، يبيعون كما يريدون دون وجود آليات تردعهم.
وباسم السوق، والقرارات الانفرادية والسلوكات غير المنضبطة والتجاوزات أدى الأمر الى ما نحن عليه نحن، والسؤال هل بالامكان الانتقال الى مرحلة أخرى تشطب أو تزيل كل هذا؟ من الصعوبة بما كان بلوغ هذا الهدف، لأن الأمر لا يتعلق بالمقاربة الاقتصادية البحتة، بل أن هناك مواقف متصّلبة يستحيل أن يغّيرها هذا الراهن وإنما هي مسألة وقت تتطلب مزيدا من الأناة والصبر حتى وإن كانت آثارها قوية على الآخرين، مثلما حدث لاقتصاديات روسيا وإيران وفنزويلا.
والرهان على الوقت قد يكون أمرا نسبيا، لا لشيء سوى لوجود مشاريع والتزامات تنموية ملحة لبعض البلدان لاتنتظر إلى ما لا نهاية، لذلك فإن هناك من لديه مشاكل حادة مع منتجي البترول خارج المنظمة، لايسمح لهم بفرض منطقهم المتجاوز لكل الحدود المتبعة في الأوبيب.. لذلك فإن الضربة كانت موجعة للبعض في الهزة التي عصفت باقتصادياتهم.
هذا الرفض القاطع لممارسات منتجي خارج الأوبيب.. لا يمنع من القول بأن الأسعار ستعود الى وضعها العادي لذلك لا نقف على ردود فعل قلقة من لدن البعض الذين تأثروا مباشرة بالانخفاض حتى وإن لم يبلغ  ١١٢  دولار، إلا أن الكثير يراهن على سعر في سقف يحبذه هؤلاء ويرون فيه المعدّل الذي يساعدهم على أي مسعى ولا يدخلهم في صراعات أونزاعات معينة بدليل على ذلك أن الساحة البترولية هادئة جدا.
وكان لابد من المبادرة الجزائرية التي رحّب بها الجميع لكسر هذا “الانتظار والترّقب” وهذا بإدراج حد أدنى من التفاهمات بين الجميع فيما يتعلق بانهيار الأسعار وعلى الأقل الحفاظ على ماهو موجود وعدم الذهاب الى الخيارات الصعبة التي تريد أن يتهاوى البترول الى مستويات غير مرغوب فيها أو يتم تداوله بالسعر الرمزي ولابد من ضوابط سياسية في هذا الأمر يكون البعض قد اقتنع بها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024