سجلت الرواية الجزائرية حضورها الأدبي المتميز في المشهد الإبداعي بشكل لافت للانتباه سواء على مستوى الشخوص أو على مستوى السرد، الذي يمثل السياق الجمالي والفني لهذه الأعمال الروائية. وقد جاءت الرواية الجزائرية في تسلسلها التاريخي بداية الستينيات، أين كان منحنى العمل الروائي يأخذ شكل النص الذي توجهه ميولات إيديولوجية ، وتحيط به بعض الظروف التي من شأنها أن تخنق ضوابط العملية السردية، فيسقط في دوامة المتاهة والمخيال بعيدا عن الجمالية والرؤية والموضوع، وربما في حالات أخرى يسقط الكاتب في معمعة الأسئلة ولا يمكنه الخروج منها.
ولنا في روايات الطاهر وطار ورشيد بوجدرة وعبد الحميد بن هدوقة الكثير من الوقفات التي نراها ضرورية لجعل مواصفاتها الفنية في أولى الاهتمامات، وحيث أن هذه الروايات التي تجاوب معها القارئ، ومكن شخوصها من التواجد إلا أنها لا تخلو من بعض الميولات الهامشية التي وثقتها في سياق التوجه السياسي للمرحلة تلك فقط، وهذا مرده إلى المرحلة السياسية تلك، أو إلى عدم وجود مناخ مشجع للكثير من الأقلام التي اختارت أجناسا أخرى كالشعر والقصة .
إذا كان الاشتغال على الرواية باعتبارها جنسا أدبيا لا تضبطه نفس القواعد الأخرى كما هو موجود في الشعر أو القصة، فإن الرواية التي عمودها الأول السرد، فهي تفتح شهية الكتابة والتجاوز والخلق والإبداع، لأنها فضاء رحب بإمكان صاحبه الانتقال من نمطية معينة إلى أخرى أكثر تعبيرا سواء في تعدد تنوع الشخوص أو في حلقات الحوار الأكثر تواجدا في سياقها الزمني والمكاني .
تطور منحنى الرواية الجزائرية مع بداية السبعينيات والثمانينيات عجّل بظهور أسماء جديدة تشتغل على النص الروائي بآليات أكثر ما يقال عنها أنها جاءت لتخرج هذا النص من قوقعته التي عزل نفسه فيها نحو فضاء أرحب وأوسع هذا ما أهّل الكثير من الأسماء الأدبية للتفوق في وضع النص الجزائر على سكة التجديد والتحديث، سواء على مستوى البناء، أو على مستوى الشكل، ولنا في روايات واسيني الأعرج وأمين الزاوي والحبيب السائح أحلام مستغانمي والكثير من الأسماء التي أفرزت مناخات جديدة للنص الروائي الجزائري الذي تميزه هذه الخاصية المغاربية إن صح التعبير عكس ماهو متناول في الكتابات المشرقية، ربما هذا يعود إلى المرجعية المعرفية لروائيينا أو مرده عوامل أخرى يكتسبها الروائي من الفضاء الذي عجل بوجود هذه النصوص. وقد أفرزت الساحة الأدبية خلال فترة التسعينيات الكثير من الروائيين الذين أبدعوا في تخطي عتبة المكوث والتريث وعدم انتظار الوقت الذي ربما لن يتوفر لولا أن الرواية الجزائرية بكل تفاصيلها كانت بمثابة طفرة نوعية في المشهد الإبداعي الجزائري فكان شأنها مغاربيا وعربيا وعالميا خاصة بعد ترجمة الأعمال إلى لغات العالم الأخرى .ولنا في الكثير من الأسماء الشابة التي اكتسحت هذا المشهد و حصولها على جوائز عربية ومغاربية .