تكرّرت ظاهرة تمزيق الكتب والكراريس هذا العام، مع آخر امتحان خاضه تلاميذ الثانويات وبعض المتوسطات، وبالغ بعضهم هذه المرّة، فلم يتوقفوا عند حدود ما يملكون، وإنّما نالوا بـ(فرحتهم) الطّاولات والمقاعد المدرسيّة، ولم يجدوا وازعا يمنعهم عمّا هو ملك مؤسساتهم، وحقوق التلاميذ المقبلين على التسجيل بتلك المؤسسات، فنزلوا تكسيرا وتهشيما في كل ما وجوده أمامهم، لم تسلم سبورة ولا مقعد، ولله في خلقه شؤون..
حق التلميذ الطالب أن يفرح، وحقّه كذلك أن يحافظ على ممتلكات مؤسسته، فالمقعد الذي استغلّه هو نفسه في الدّراسة، ينبغي أن يستغله غيره، لا أن يتحوّل إلى حطام مع نهاية الامتحانات، ثم تنتهي عطلة الصيف، فيأتي من لا يجد مقعدا يستعمله..
ولسنا نعرف من أين استقوا هذه العادة السّيئة، بل إنّنا لا نعرف كيف أمكن لهم أن يربطوا بين الفرحة بانتهاء الامتحانات، وتمزيق كلّ ما يجدونه في طريقهم.. هل فعلا يحسّ «طلبة» اليوم، بالفرح حين يمزقون الكتب والكراريس، أم أنّ الأمر متعلّق بـ»كبت نفسي» متراكم، و(معاندة) فارغة؟!
مهما يكن الرأي في المسألة، فإنّ الظاهرة بلغت مستوى لا يمكن السكوت عنه، وينبغي العمل بجميع الوسائل من أجل تخليص الطلبة من هذه الأفكار الهجينة التي تسلّلت إليهم، في غياب الوازع المانع، وفي غياب الإحساس بتلك الرابطة القوية التي تجمع الطالب بكلّ ما يحيط به في أثناء مساره الدّراسي..
زمان.. كان الواحد من الطّلبة، يحبّ الاحتفاظ بذكريات الدّراسة، وكثيرا ما كان يأسف لأنّ واقع الحال يفرض عليه إعادة الكتاب إلى المدرّس، فيحرص على إعادته سليما، احتراما لمن سيأخذه من بعده.. كانت الكتب عزيزة، وكان لها مقامها في القلوب.. فمن أين جاء هذا الجفاء؟، وكيف قست القلوب حتى صارت (تفرح) بمُزق كتاب؟!