الجزائر وإيطاليا بصدد كتابة تاريخ ناصع، على صعيد العلاقات الثنائية، إذ تقدمان أنموذجا ثنائيا في التعاون بين الضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط، وكل هذا يحدث في مجال زمني لم يتعد السبعة أشهر.
بعد زيارة الرئيس الإيطالي للجزائر، شهر نوفمبر الماضي، وتبعه رئيس وزراء بلاده ماريو دراغي قبل أربعة أسابيع، ها هو رئيس الجمهورية، يحلّ بروما في زيارة دولة تستمر ثلاثة أيام.
الجانب الإيطالي، احتفى بالزيارة وخص الرئيس تبون باستقبال مميز، يعكس المستوى الرفيع الذي بلغته العلاقات بين شريكين يتقاسمان صفتي الوفاء بالالتزامات والاحترام وبالأخص الثبات على الموقف، مهما كانت التغيرات التي يعرفها العالم.
كان «الغاز» العنوان الكبير لزيارة دراغي الأخيرة، حيث تم توقيع اتفاق استراتيجي أسال لعاب باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المهددة بندرة الطاقة. وسيشرع، بدءا من أكتوبر المقبل، في ضخ كميات إضافية من الغاز من الجزائر نحو إيطاليا بحجم 9 ملايير متر مكعب سنويا.
ولا شك أن الشراكة الاقتصادية ستكون العنوان الأكبر هذه المرة، إذ تهيأت الأرضية لتحقيق تعاون غير مسبوق. فالجزائر، التي لم تخف إعجابها بالتجربة الإيطالية في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، بحاجة إلى نقل هذا النموذج والاستفادة منه قدر الإمكان.
ولأنها بصدد ضبط قانون جديد للاستثمار، فإن الفرصة مواتية لشرحه والترويج له واستقطاب رأس المال الإيطالي لولوج السوق في مشاريع منتجة خارج الطلب العمومي.
وسيكون مفيدا لروما، أن تتصدر قائمة المستثمرين الأجانب في مجالات حيوية مثل صناعة السيارات والصناعات الكهرومنزلية وقطع الغيار، نظرا لأهميتها في السوق الوطنية. كما للجزائر أن تحصل على التكنولوجيا الإيطالية في مجال الإنتاج الصناعي (سلاسل الإنتاج)، وخبراتها العلمية في تنويع المنتجات الزراعية، وحينها يقدم البلدان الدليل الأقوى على عمق التعاون ونتائجه.