إفريقيا على موعد مع يومها هذا الأربعاء لتجدد العهد مع التزامات الجيل المؤسس الذي أرسى معالم القارة السمراء لتخوض، بعد معركة التحرير، معارك أخرى أكثر شراسة ضد التخلف والفقر، زادها حدة وباء كورونا، الذي أحدث منذ البداية تمييزا، عنصريا، بين القارات، حينما سارعت التي تتمتع بقوة مالية ونفوذ إلى إطلاق سباق اللقاحات، تحكمه أنانية وجبروت الأقوياء.
منذ أن اجتاح فيروس كورونا المعمورة، لم تتأخر بعض الأوساط في أوروبا وأمريكا في توجيه الاتهام إلى الأفارقة، ومحاولة إلصاق العدوى بهم، وانطلق مخطط التهميش، في وقت كانت تتطلع فيه القارة إلى مرافقة وتضامن، فتجسد مفهوم جديد لنزعة استعمارية فاضحة زادت من ثقل الأزمات وأعاقت التطلعات المشروعة للشعوب الإفريقية.
القارة السمراء في يومها لا تزال تواجه الكثير من التحديات، في انتظار مستقبل خال من تراكمات الماضي الاستعماري ومليئ بالحقوق المشروعة في العيش مثل باقي القارات، بل أفضل من بعضها، بالنظر لما تحملته في الماضي وما تزخر به من ثروات وخيرات كفيلة بأن تساهم في تغير الوجه البائس لكثير من البلدان التواقة للرفاهية وتمكين شعوبها من إدراك مؤشرات النمو الاقتصادي والاجتماعي العالمية.
غير أن إفريقيا، بقدر ما تتوق إلى الرقي الشامل في كنف الاستقرار والسلام، بقدر ما لا تزال تعاني من اختلالات ونقائص، فحتى وإن تخلصت من اخطبوط الاستعمار التقليدي بتضحيات يحفظها التاريخ، فإنها لا تزال تعاني من بعض الأنظمة المتنكرة للشرعية وحقوق الشعوب، يستهويها الغرق في أوحال استعمار شعوب، لم تكد التخلص من مستعمِرها الأول، حتى انقضّ عليها استعمار من بني جلدتها، كما هو الأمر للصحراء الغربية، آخر مستعمرة في القارة، ولا يزال شعبها يواصل الصمود في وجه الاحتلال المغربي.
لا يمكن لإفريقيا بعد كل تلك المكاسب التي تحققت بالتضحية والمعاناة والصبر، أن تخسر رصيدا أنجزه الآباء والأجداد في وجه أعتى قوى الاستعمار في العالم، وفي وجه «الأبارتايد» (الفصل العنصري) في جنوب إفريقيا، وهي الأجدر لأن تخاطب العالم وبقايا الاستعمار للعودة إلى الشرعية الدولية ـ التي تبقى من ضمن صلاحيات ومهام الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة، وهو ما تحرص الجزائر على تحقيقه، بموقف ثابت لا يحيد، قناعة بأن إفريقيا بقدر ما تتعافى من الحروب والنزاعات والأوبئة والتهميش، معضلات سببها قوى من خارج القارة، بقدر ما يستريح العالم لأن في إفريقيا طاقات طبيعية وبشرية تصنع الثروة وتنشر السلام.