تعود اليوم ذكرى الهبّة الطلابيّة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، محمّلة بكثير من عبق التّطلع إلى الحريّة، والتّخلص من ربقة الاستعمار الغاشم.. تعود الذكرى لتروي وقائع خالدة صنعها طلبة عرفوا كيف يصفعون الاستعمار، ويلتحقوا بصفوف البواسل في جيش التحرير الوطني..
لعلهم كانوا فئة قليلة.. لنقل إنهم كانوا مئات.. لكن موقفهم الشجاع، فسح للملايين بعدهم كي يحظوا بحقّ الدّراسة.. بل فسح لشعب كامل أن يحظى بحقه في الحياة الآمنة، ويعيش في بلده كريما لا يضام، مهابا لا يظلم..
إن ذكرى يوم الطالب، تبقى على الدّوام منارة تضيء دروب أبنائنا في المدارس والثانويات والجامعات، فهؤلاء هم الذين يتحمّلون اليوم واجب حفظ الأمانة، وصيانة والوديعة، كي يكملوا مسار السابقين إلى المعالي، باكتساب المعارف، وتوطيد أسباب البحث والإبداع والابتكار، ويكونوا في خدمة شعبهم الأبيّ، ويقدّموا ما ينفع الوطن... هذه هي المسؤولية التي يتحملونها باقتدار.. مسؤولية التحصيل العلمي والتّفوق، ليكونوا في مستوى التّضحيات التي أقبل عليها طلبتنا الأماجد قبل ستّ وستين سنة، حين غادروا مقاعد الدّراسة، كي يحظى الجزائري بنسمات الحرية، ويعيش أنوار الاستقلال.
هذا يوم مشهود، يجدّد العهد، ويشحذ العزيمة، ويحرّك الهمّة.. يومٌ يستعيد للطالب الجزائري صورا حيّة عن روح الفداء التي جمعت أسود جيش التحرير الوطني، فحققوا النّصر على أعتى قوة في تاريخ الفكر الكولونيالي السقيم، وبرهنوا على أن عزيمة الرّجال، أكبر من القمع والتعذيب والتشريد الذي اعتمده الفرنسيون في أثناء الاحتلال..
هذا يوم الطالب الجزائري المجيد.. يوم انتصار تحقق، وبشارات بانتصارات قادمة، تُرسم كل يوم على صفحة كراس، أو ورقة امتحان، فالنصر اليوم، في هذا العالم، سبيله المعرفة، ولا نشكّ أبدا، أن طلبتنا قادرون على مواصلة المسيرة المظفرة التي قادها السّابقون إلى المعالي..