ما زالت البشائر باستعادة المرجعيّة الفقهيّة الجزائريّة تتوالى، ولقد كان إعلان وزير الشؤون الدّينية، عن سبعة مفتين سيتم تعيينهم على مستوى جامع الجزائر، يضاف إليهم مفت لكلّ ولاية، بشرى جديدة، وإنجازا يستحق التّنويه والإكبار؛ فهذا يؤكد أنّ الدّولة تسعى إلى التّخلص من فوضى الفتاوى التي أهلكت الناس، بجدّية وحزم، وأنّ الجزائريّ سيكون له متّسع في الحياة كي يتخلّص ممّا ابتلي به، طوال السّنوات العجاف، من تفرقة باسم الدّين، حرص على تأصيلها شذّاذ آفاق لا علاقة لهم بالفقه ولا بأصوله، ولا يعرفون شيئا عن آداب الفتوى ومخرجاتها.
ولقد أثلج صدورنا أن يعلن الوزير على أنّ اختيار المفتين سيخضع لمعايير محدّدة ومقاييس مضبوطة، تكفل توحيد الفتوى ضمن الأطر المرجعية الوطنية، تماما مثلما تكفل حماية الوطن من الانزلاقات الثّقافية والفكرية، خاصة في هذا العصر الرّقمي، الذي صار يتيح لأيّ كان بأن ينشر ما يشاء دون حسيب ولا رقيب، وليس عنّا ببعيد ما أثير على منصّات التّواصل الاجتماعي من هرج ومرج حول «زكاة الفطر»، فوقع كثيرون في الحرج، دون أن يجدوا المفتي الثّقة الثّبت الذي يخلّصهم من تضارب الآراء، ويثبّت الطمأنينة في قلوبهم..
إنّ المسجد، ظلّ على الدّوام، بالجزائر، مركزا للحياة، وظلّ يمثل الرّكن في الرّكين الذي يلجأ إليه كل من لديه حاجة، ففيه يعقد الزّواج وتفكّك إشكاليات الطّلاق، وتحلّ المشاكل العويصة، ولقد ظلّ صامدا رغما عن المهرولين الذين لا يعجبهم سوى المستورد من القراءات، وإن كان هؤلاء أحدثوا ضررا بالغا بالمجتمع؛ لهذا، نرى أنّ الوقت قد حان كي يتحقّق الخلاص منهم نهائيا، ويكون للفتوى مصدرها الواثق الموثوق، بعيدا عن ترّهات المنصّات الرّقمية التي تصطنع الأكاذيب، وتتأسّس على الخداع..