لم نكد نتنفس الصعداء بعد الخلاص من هموم الفيروس كوفيد وهمومه، حتى عادت حوادث المرور لتطفو على شريط أخبار اليوم. ولقد سجّلت المصالح المختصة، أن أسباب معظم الحوادث تعود إلى «العنصر البشري»، وهذا تكون أخطاؤه – عادة – نتيجة طبيعية لـ»عدم احترام قانون المرور»، و»الإفراط في السّرعة»، و»عدم التركيز في أثناء السياقة بسبب الإرهاق».
وكان في الإمكان تجنّب الكوارث المرورية، لو التزم سائقو المركبات بقانون السّير، لكنّ هذا القانون لا يعيره اهتماما من يتعامل مع الطريق معاملة (شوماخر) لمضمار السّباق، بل إنّه لا يحسّ بالفرح الغامر، إلا حين يشخر طربا أمام من يلاحظون (إنجازاته) على الطريق، ويرون بأعينهم قوّة محرّك مركبته، ويعترفون له بأنه يستعمل (الماركة) الأفضل، حتى كأنّ المركبة واحدة من مخترعاته، أو أنه سيجد على خط الوصول من يحتفي به ويستقبله بالورود، ثم يقدّم له جائزة أحسن مركبة..
ولا يضع المعتدي على قانون المرور في حسبانه، أن الطريق ليس مضمار سباق، ولا ملكية خاصة له وحده، وتراه يتجاهل السائقين الذين يستعملون الطريق معه، حين يبثّ الرّعب في قلوبهم بمناوراته الخطيرة التي قد تزهق أرواحا، أو تتسبب في إصابات وإعاقات؛ فهو لا يهمّه من الطريق سوى استعراض مهاراته في القيادة، على أساس أنّه يحتاج لاستعراضها أمام خلائق الله.
ولا نشكّ مطلقا بأن رجال الأمن يحرصون على تحقيق الأمان بطرقاتنا، غير أنّ حالة اللاوعي التي تسيطر على الطرق، تقتضي وضع شرطي أمام كل سائق كي يتحقق الأمان، وهذا غير معقول بطبيعة الحال؛ لهذا، ينبغي أن يكون الرهان الحقيقي على «وعي السائقين» بالمخاطر التي يمكن أن يتسببوا فيها، ثم تتحوّل إلى هواجس تدقّ على ضمائرهم العمر كلّه، بسبب لحظة طيش واحدة.