أخلقة العمل الإعلامي، وإرساء قطيعة نهائية مع مقاييس المشهد الإعلامي السابق، هو ما يسعى إلى تحقيقه قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية، وقانون السمعي البصري، من أجل التّخلص من الغموض الذي يهيمن على ساحة الإعلام، وتستغلّه كثير من الأيادي بقصد تحويل وسائل الإعلام إلى أغراض أخرى، تكون في الغالب مضادة للاتجاه الوطني العام، بعيدة عمّا يخدم مصلحة الوطن.
والحق أن ساحتنا الصحفية عاشت حالة من الضنك عجيبة، فصار التفكير يتّجه نحو ما هو «مثير» إلى درجة أنّه نسي – في بعض الحالات – الوظيفة الإعلامية التي تقتضي مستوى عالياً مما نتعارف عليه بـ»قدسية الخبر»، ولقد أصبحت «الأخبار» تصنع صناعة، كي تضمن الإثارة، عوضا عن تقديم ما هو مفيد. وغرقت الساحة الإعلامية برمّتها في سباق محموم نحو التّرويج لـ»الفجائع» وإثارة النعرات، باسم «حرية الرأي» التي تختلط بـ»قدسية الخبر». ولم يعد «المحرّر» يهتمّ إلا بالانتشار الواسع الذي تحققه له صناعته، دون أن يظهر اهتماما بما يمكن أن يكون لـ»الكلمة» من وقع في قلوب الناس. ولقد بلغت الحال درجة كاريكاتورية لم تعد وسائل الإعلام ترى معها حرجا في الترويج لكلام لا أساس له من الصّحة، حين تتّخذ من وسائل التواصل الاجتماعي مصادر لأخبارها، وتتعامل معها على أساس أنها موثوقة.
ونعتقد أن «أخلقة العمل الإعلامي» هي الرّكن الركين في مسار تحقيق «أخلقة الحياة العامة»، وهي تستوجب وضع تعريف محكم لـ»الصحفي المحترف»، بعد أن فتحت الساحة الإعلامية أبوابها لكل من يشتغل بـ(الهدرة) ليتحوّل بين عشيّة وضحاها إلى صحفي (كامل الأوصاف) ويلقي إلى يوميات النّاس بالإشاعات المغرضة، والتلفيقات التي لا تمتّ بأية صلة إلى العمل الإعلامي المحترف.
ونرى أن التجربة التي اكتسبها قطاع الإعلام بالجزائر، تكفل له تحقيق الاحترافية الخالصة، بالإيمان أن «الخبر مقدّس»، وأنّه يمثل مسؤولية كبيرة يتحمّلها كل صحفي على عاتقه، كي يكون في خدمة وطنه وأبناء وطنه، بعيدا عن المصالح الضّيقة..