انتصار ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية واستمراره في قصر الإليزي لعهدة ثانية، مدعوما بـ58 بالمائة من الأصوات، لم يكن مفاجأة بل تغلبه على غريمته العنيدة مارين لوبان، كان الأكثر توقعا وترقبا في فرنسا وخارجها، رغم أنّ فوزه في السباق السياسي وصف بالمر، حيث بقي احتمال اكتساح اليمين المتطرف بزعامة لوبان إلى آخر لحظة قبل فرز النتائج وسط قلق وتخوّف عدد كبير من الفرنسيين من وصول لوبان إلى قصر الإليزيه واعتلائها السلطة، هذا من جهة ومن جهة أخرى، منافسة شديدة وندية وضعت ماكرون أمام امتحان صعب، حيث هناك من انتخب ماكرون بسبب معارضته الشديدة لمنافسته وليس اقتناعا وتأييدا للرئيس الذي تمت إعادة انتخابه من جديد.
ما حققته لوبان واليمين المتطرف، اعتبر تقدّما محسوسا وتموقعا قويّا في الساحة السياسية الفرنسية بالنسبة للبعض وخطير بالنسبة للبعض الآخر في فرنسا وبالقارة العجوز، بل وجاء مقنعا بإمكانية وصولها في المواعيد الانتخابية المقبلة إلى مرحلة قلب الموازين أمام أيّ مرشح كان، ولعلّ ما يؤكد ذلك اعترافها بأنّ النتيجة المحققة في حدّ ذاتها تعدّ بالنسبة إليها انتصارا ثمينا على خلفية اكتساحها، في ظل بلوغ نسبة امتناع عن التصويت بنحو 28 بالمائة، لم تسجل منذ عام 1968، ويكفيها عودة حزبها واكتساحها الذي أحرج المنافس وجعله يترقب الدور الثاني ومن ثم آخر لحظات بداية عملية فرز نتائج التصويت.
ماكرون لن يكون مرتاحا وليس في مأمن من شراسة المنافسة التي مازالت مفروضة عليه ومستمرة حيث لم تنته بعد، لأنّ لوبان قادرة على قلب الطاولة على ماكرون خلال الانتخابات التشريعية المقررة في 12 جوان المقبل، رغم أنّ الفرنسيين تعودوا على أنّ حزب الرئيس من يسيطر على الأغلبية البرلمانية، ولا شيء محسوم في معركة التشريعيات التي ستكون امتحانا آخر أشدّ صعوبة لماكرون وحزبه أمام صعود وتنامي مد اليمين المتطرف وانفتاح شهية لوبان لتحقيق فوز يسحق خصمها وتؤكد أنّها ترفع سقف المنافسة في المستقبل السياسي. أمامها مجال كبير وزاهر. هل سيخسر ماكرون التشريعيات المقبلة؟ ..وهل بإمكانه تصحيح الثغرات التي جعلت لوبان تفرض منافسة قويّة؟.