البرنامج الذي وضعته «سيال» و»الجزائرية للمياه» أظهر كثيرا من الإحكام منذ هلّ هلال رمضان المبارك، بل إنّ نوعية المياه نفسها كانت ممتازة، ولم نر من اشتكى من لون متغيّر للماء، ولا رائحة تكدّره.
والحقّ أنّنا يجب أن نعترف بأنّ برنامج توزيع المياه الذي لقي استحسانا واسعا، كان خلفه أمر رئاسي قويّ، ورسالة صريحة من الرّئيس تبّون ركّز فيها على ضرورة احترام الصّائمين، وإن كنّا لا نغمط حق العاملين في القطاع حرصهم على أداء واجباتهم، والقيام بخدماتهم العمومية، ضمانا لراحة المواطنين في شهر الصّيام.
نقول هذا، كي نؤكّد بأنّ القطاعات جميعا، يمكن أن تشتغل بكفاءة عالية، وتؤدّي ما عليها تجاه الوطن والمواطن بمنتهى الحرص، كما نؤكّد أنّ الكفاءات الجزائرية موجودة، ويكفيها أن تحسّ بالمسؤولية التي تتحمّل أعباءها كي تؤدّيها على أكمل وجه، ومن ذلك أنّ مصاعد كثيرة لعمارات وكالة «عدل»، اشتغلت خلال رمضان، ورفعت الغبن عن السكان الذين اختارت لهم الأقدار أن يسكنوا بالطبقات العليا، ولم تختلف الحال بالأسواق، فقد شهدنا بها كثيرا من التسامح، رغما عن الغلاء الذي ظل يطفو بين حين وآخر، ثم لا يلبث أن يتلاشى، وتتسلّل «الرحمة» إلى قلوب التّجار، كي يفسحوا للنّاس بعض الراحة في معيشتهم.
إنّه الأسبوع الأخير من شهر رمضان الذي تحوّل إلى مدرسة حقيقية، ألقى الناس فيها التهافت على المواد الاستهلاكية وراء ظهورهم، وقدّموا صورا رائعة عن التعاون والتسامح والرأفة، ما ينبغي أن يتحوّل إلى سلوك يومي يطبع الحياة العامة، ومكسب رمضاني تحقّق بفضل صرامة السلطات العمومية، والتزام المواطنين بفضائل الشهر الكريم..إنّه رمضان الذي يطهّر النفوس ممّا يعتريها، ويستعيد للرّوح ما يضيع منه في زحمة المعيشة..