كانت النّدوة التاريخية المنعقدة لإحياء ذكرى الشّهيد سويداني بوجمعة، أمس الأول، مناسبة هامّة كي تعبّر وزارة المجاهدين عن ضرورة العناية بالتّاريخ الوطني، والاهتمام بمآثر جيل الثّورة الجزائرية المباركة، لتكون نبراسا للأجيال في بناء المستقبل، ودافعا حقيقيا لمواصلة مسيرة البناء على أسس صلبة، راسخة، أقوى من أن تنال منها خطابات بعض المشكّكين الذين ما زالوا ويفتحون مظلاتهم بالجزائر حين يتساقط المطر بباريس، أو يعيشون على وهم الفردوس المفقود، معتقدين أنّهم أصحاب سطوة، رغما عن التاريخ الذي طواهم طيّا، بعد أن كسر أبطال ثورتنا المباركة شوكتهم، وهزموهم بقوة الحقّ وسماحة العدل، وعلّمهم كثيرا من دروس أولئك الأبطال، الذين بذلوا النفس والنفيس كي ينعم الوطن بنسائم الحرية.
إنّ ذكرى الشّهيد ستظل على الدّوام شعلة تنير الدّروب، وتقدّم أروع الأمثلة عن روح الفداء الذي جمع الجزائريّين تحت راية الكفاح العادل في مواجهة استدمار غاشم لم تعرف له البشرية مثيلا طوال تاريخها، فهو استدمار أهلك الحرث والنّسل، واستعمل كل الأساليب الوحشية، وجميع ما أتيح له من حديد ونار، كي يطفئ أنوار الحريّة في عيون الجزائريّين، وما تزال ذيوله إلى يومنا هذا تبث أسباب التفرقة، وتعمل كل ما في وسعها من أجل إثارة الفتن من خلال التّشكيك في شهدائنا ومجاهدينا، تارة بالتسلل من خلال ما يسمى (صراع الأجيال) وأخرى من خلال النيل صراحة من رموزنا الوطنية..
ولسنا نحتاج إلى برهان على أنّ ما يسمى (صراع الأجيال) إنما هو من الأوهام والخرافات، إذ ليس فينا من ينقلب على آبائه، وينسلخ عن طريقتهم، فالمسألة هنا متعلقة بعهد راسخ في قلب كلّ جزائري، وهو عهد لا يحول ولا يزول؛ لهذا، ينبغي أن تتّسع مساحة النّدوات التاريخية، فليس من حصانة أقوى من حصانة التّاريخ.