يتفق كثيرون على أن تطبيق «تيك توك» من أرذل ما اخترعت تكنولوجيات التواصل، فالواحد به لا يكاد يقع به إلا على الموبقات التي تميّزه، والرذائل التي تختصّ به، وحتى الفيديوهات النادرة التي تتلبس بلون من «الرحمة»، فإن هدفها يكون مختلفا تماما عما تصوّر، إذ تستغلّ (بوعي أو دون وعي) أخلاق الأسوياء من الناس، كي تميّعها بأسلوب غاية في السّذاجة.
على كلّ حال، هذا التقييم إنّما هو مختص بمنشورات (أولاد البلاد)، فالتطبيقات جميعها تستعمل الموقع الجغرافي للمتصل، وتربطه بأقرب الناس منه، ولكنّها قد تلقي إليه - بين حين وآخر – عقليات مختلفة، تسمح له باكتشاف العالم، ولا شكّ أن كثيرين لاحظوا أن منشورات باقي خلائق الله بالتواصل الاجتماعي، تركّز على نشر الفضيلة، بل إنّها تبدو وكأنها تطلع وفق استراتيجية محكمة من أجل ترسيخ أفكار معينة، كمثل مكافحة السرقة والخداع والغشّ، وتقديم الأخلاق العالية من خلال سيناريوهات قصيرة جدا تؤدي وظيفتها بأسلوب غاية في الروعة، وهو ما يؤكد – صراحة – أن المشكلة ليست في «تيك توك» ولا «انستغرام» ولا في أي تطبيق من التطبيقات المتراكمة بأنترنيت، وإنّما هي في طبيعة العقل الذي يتعامل مع هذه التطبيقات..
وليس هناك من ينكر أن «النقل المباشر» هو أهمّ حسنات التواصل الاجتماعي، فقد أحدث فارقا بالحياة اليومية، من خلال التركيز على المفارقات والأعاجيب التي تتسلل إلى الواقع المعيش، وكثيرا ما كان سببا في التّصدي لجريمة أو تجاوز صعوبة وحلّ عويص، غير أن الغالب عندنا هو الوقوع في أحابيل الرذائل، والكلام الساقط الذي لا يعلم أحد في أيّ أذن يقع؛ لهذا، قلنا دائما إن أنترنيت بمجملها، لا تتحمّل خطايا المستعملين، ولا منجزاتهم، فهي «أنترنيت» فقط، أما نفع «تيك توك» وإثمه، فهو ما يقرّره المستعمل وحده..