ما يجري في بيت «الفاف» يندى له الجبين بالنظر للتّداعيات السّلبية التي تعمّق من أزمة كرة القدم خاصة بعد إقصاء الخضر من المونديال، أمر يفترض أن يشعر أهل «دالي إبراهيم» بالمسؤولية وتحمّلها بانتهاج نفس الخيار المرّ الذي سلكه رئيس الاتحاد الجزائري شرف الدين عمارة.
بالنّظر لردود الفعل المثيرة للسّخرية من بعض الأعضاء، الذين عمّروا طويلا في هذا المنتظم، أشعر بخيبة وأسف لما يتبادر للذهن لدى الرأي العام وخاصة الشباب كأنّهم ورثة يتطاولون بتصريحات من هنا وهناك، محاولين التبرؤ من الفشل، لكن هيهات..
حقيقة، الأزمة عميقة تفاقمها تراكمات عشريات طغى عليها فساد استشرى في عالم المستديرة، فتحوّل العمل التطوعي إلى نشاط مأجور، ناهيك عمّا يدور في فلكهم من مزايا ومنافع، مشهد لا يعقل أن يستمر في زمن الفعالية والشفافية.
بعضهم راح ينقّب في القانون الأساسي، وآخر في تلويح مبطن باللجوء إلى الفيفا وغيرهم الله أعلم ما يدبّرون، من أجل البقاء في مناصب أكبر منهم بكثير بمعيار المسؤولية الوطنية، بينما الشارع لا يزال تحت صدمة الإقصاء المبرمج من أعداء الجزائر، ومنهم من يشغل مواقع في «الكاف».
القضية ليست مسألة لعبة وفقط إنما هي أكبر من ذلك بكثير، تتعلق بسمعة الجزائر ورصيدها التاريخي ومكاسبها وتطلّعات شبابها، ما يستوجب إحداث تغيير شامل ضمن قواعد القانون ليختفي من سبب بأي شكل من الأشكال في انحراف مسيرة الخضر عبر ممارسات أكل عليها الدهر وشرب، وتصريحات أنانية وأمور أخرى يعلمها العام والخاص تعكسها حالة كرة القدم المحلية.
لا مجال لشعار «أنا وحدي نضوي لبلاد»، في وقت تتجه فيه الجزائر إلى مواجهة تحديات متعدّدة الأشكال لم يتوقف الرئيس تبون عن التنبيه إليها والدعوة لاعتماد الكفاءة والنزاهة للتغلب عليها في كل المجالات بما فيها الرياضة، وبالذات كرة القدم التي تشكّل أحد أوجه الدبلوماسية الحديثة للتعبير عن إرادة الشعوب وقوّتها في محافل دولية لعل كأس العالم أبرزها.
إنّ النّهوض من الكبوة والرّجوع إلى صدارة المشهد القاري والعالمي في المتناول، لكنه يمر حتما عبر انسحاب القائمين على الكرة، ويكون ذلك طواعية أفضل من الدخول في متاهات سوف تكون عواقبها وخيمة، وحينها لن ينفع ندم.