قبل التأكد من انحسار فيروس كورونا المعقد والمميت، بعد تراجع خطورة المتحوّر «أوميكرون» الذي على ما يبدو أقل فتكا بالأرواح، سجّلت عودة محسوسة للعمليات الإرهابية في سوريا والعراق وقبل ذلك في أفغانستان، ويضاف إلى كل ذلك تصاعد التهديدات الإرهابية بالقارة السمراء، بالنظر لما يسجّل من أحداث مريعة من اختطافات ومجازر، تستدعي التجند ومضاعفة الحيطة والحذر. فهل يعني هذا أن ما تمّ ترويجه حول دحر الإرهاب ليس له أساس من الصحة، أم أنها عودة للخلايا النائمة، أو بالأحرى «الإرهاب المتحور»؟.
مازالت جرائم التنظيمات الإرهابية تهدّد حياة وأمن واستقرار البشر، في وقت كثر الحديد عن اقتراب تلاشيها، بعد جهود كبيرة بذلتها الدول في تجسيد خطط واستراتجيات، فنجد العراق قد قطع أشواطا مريرة وقاسية في مكافحة الإرهاب الدموي، وسجل انتصارات كبيرة أعادت ولو نسبيا الطمأنينة في نفوس العراقيين، وحتى في سوريا خفت صوت التفجيرات الإرهابية وسرعان ما عاد الخطر الإرهابي ليبطش من جديد، ويضرب بقوة الحياة والأمن والاستقرار، وهذا ما يضاعف من مخاوف عودة توسّع النشاط الإرهابي، أمر يفرض في الوقت الراهن ضرورة التحرّك لتوحيد الجهود للتصدي لخطره وتطهير المناطق التي يمكن أن يحتمي بها.
الإرهاب خطر عالمي لا يقل ضرره عن فيروس كورونا، لذا يستدعي جهدا وتنسيقا دوليا لمواجهته بدور قيادي دقيق ومنسق وجدي، ولعلّ تطورات الظرف الحالي أثبتت أنه ليس بهذه السهولة يمكن للإرهاب الدموي أن يختفي مع استمرار منابع إعادة تشكيله، على غرار الفدية التي تشجّع استمراره من خلال ضمان تمويلات تحرك نشاطاته الخطيرة، وتمثل حدة الرؤية ونجاعتها ضربة قاضية للإرهاب، الذي ينمو في المناطق المضطربة الفقيرة والبائسة، لذا جهود مكافحته، لا يمكن أن تكون عسكرية بحتة، لأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية ستقف عائقا أمام استمرارية التنظيمات الإرهابية، وتُجهض خطط تقدمها وتمنع من خطر توسعها كون الخطر يحدق بالجميع.