عرفت أسواق الطاقة السنوات الأخيرة تحولات سريعة، مع بروز نزعة عالمية نحو الطاقات النظيفة والمتجددة وعلى رأسها الغاز الطبيعي، والذي بلغت أسعاره مستويات تاريخية في أوروبا، نتيجة للطلب المتزايد وتراجع مخزوناتها الاستراتيجية من هذه المادة الحيوية.
التغيرات المناخية والتي حذّر منها العلماء قبل سنوات، أصبحت واقعا معيشا، وما شهده العالم هذا الصيف ينبئ بموجات جفاف، وموجات حر، وفيضانات مستقبلية قد تضرب مناطق مختلفة من العالم دونما سابق إنذار. لذلك، فزيادة الطلب على الغاز الطبيعي لم يعد خياراً، بل ضرورة حتمتها التطورات، باعتباره طاقة صديقة للبيئة مقارنة بالوقود الأحفوري والفحم الحجري.
وتعد الجزائر من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي في العالم، حيث قدرت احتياطاتها من هذه المادة بأكثر من 5 تريليون متر مكعب، بإنتاج سنوي قدر بنحو 81 مليار متر مكعب سنة 2020 ومن المحتمل أن تدوم تلك الثروة وفق مستويات الإنتاج الحالية لأكثر من 50 سنة.
وبالرغم من هذه الأرقام، إلا أن احتياطات الجزائر من الغاز الطبيعي لا تمثل إلا 2٪ من مجموع الاحتياطات العالمية وتبقى متواضعة مقارنة بروسيا والتي تمتلك 24٪ من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم (40 تريليون متر مكعب) وقطر( 25 تريليون متر مكعب).
لكن الميزة التي تمتلكها الجزائر للصعود على عرش الطاقة العالمي، هو الغاز الصخري والذي تحوز منه على كميات كبيرة قدرت بـ20 تريليون متر مكعب (القابلة تقنيا للاستغلال)، أي ما يعادل 4 أضعاف احتياطاتها من الغاز الطبيعي، ما يرشحها لأن تكون مركزاً طاقويا مستقبليا لقربها من أكبر أسواق الاستهلاك (أوروبا) والتي تسعى إلى تقليص اعتمادها على الغاز الروسي. كما للجزائر علاقات استراتيجية مع ثاني مستهلك للغاز في العالم وهو التنين الصيني، والجزائر مطالبة بتطوير صادراتها من الغاز المسال للوصول إلى الأسواق الأسيوية البعيدة.