حرية التعبير كل لا يتجزأ، لكن لما تأتي سقطات مبيتة من جهات لم تتوقف في عرض نفسها مرجعا لحرية التعبير باعتماد تلاعب وفبركة يطرح سؤال كبير عن الوظيفة التي تؤديها منابر تبين أنها تخشى الشفافية ويصعب عليها العيش خارج أسوار وضعتها خارج الموضوعية.
الإعلام كما يدرّس في أكبر الجامعات أن يقدم الخبر بصدق وفقا لمعايير أكاديمية ويتميز عن كلام الشارع بانتهاج الصدقية والدقة وإلا تحول إلى «بروبغاندا» لا تصمد أمام شمس الحقيقة، فتتهاوى بقايا احترافية، لا يبدو أنها تصمد أمام تدافع مصالح سوق الكلمة والصورة.
عندما يتعلق الأمر بالصحافة لا ينبغي أن تتغلب «الأنا» وكل ما حولها من ولاءات وأمراض تصفية حسابات، على الحقيقة، التي تبزغ مهما كانت ألاعيب البعض في المساس بالهوية وتسويق رسائل لا صلة لها بالانتماء أو العمل لإزاحة عناوين بارزة في المشهد العام ترمز للذاكرة.
شرف الكلمة أن يحترم منبرها المجتمع الذي يقتات منه وأن يعطي المثال في الالتزام بالقانون والمساهمة في تعزيز القواسم المشتركة للمجتمع درءا لرياح الفتن وأمواج عولمة تسقط أمام مخاطرها كل الحسابات، وتتفكك الارتباطات الفئوية أمام رابطة الانتماء لوطن بحجم قارة يحمل ثقافات متنوعة تضخ كل يوم نفسا في حرية التعبير.
لذلك لا يمكن لأي جهة أو عنوان أن يعطي لنفسه أكثر من حجمه، فالدروس أصبحت واضحة والتكنولوجيات الجديدة أنهت الهيمنة وكسّرت الاحتكار، أمر لا تقبله لوبيات اعتادت العيش على أزمات وفتَن لم يعد لها مكان بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الأسود، في وقت يحتاج إلى التزام قواعد المعادلة المتوازنة التي تضع الأمور في نصابها، تنهي أي نزعة وصاية.