تشهد المصالح البلدية التي ما تزال خاضعة للبيروقراطية، تراكما مرعبا للبشر، منذ بداية فترة التسجيلات المدرسيّة. فالطلبة المنتقلون بين مختلف مراحل التعليم، يحتاجون إلى إثبات هوياتهم، وأماكن إقاماتهم، كما يحتاجون إلى المصادقة على إمضاءات أوليائهم الذين ينبغي أن يتركوا براهين للمؤسسات التعليمية على معرفتهم بالقوانين الداخلية وانصياعهم لها، ما يعني أن التراكم بمصالح البلديات يكون على أشدّه عند (طابع) بطاقات الإقامة، وحافظ أختام التصديق، وهؤلاء، عادة، يكونون من أصحاب الأعصاب و(الأوتار)، تماما مثل المغبونين الذين يقفون في الطوابير الطويلة دون ذنب اقترفوه، علما أن وقوفَهم مشروط بتحمّل أعباء (معريفة) تمرّ باللّين، و(بن عمّيس) تمرّ (بالذّراع)..
الحاصل وما فيه، أن التسجيل للدراسة، يقتضي «بطاقة إقامة»، حتى تتأكد المؤسسة المحترمة بأن من يدرسون بها كلهم من (أبناء الحومة)، على أساس أن الناس تصاب بالجنون، فيسجل الوالد ابنه بمؤسسة بعيدة عن داره، ثم إن «الثانوية» (مثلا) لا يمكن أن تصدّق بأن المتوسطة التي تضخ إليها (الزبائن)، ترسل إليها بملفات سليمة؛ لهذا، لا تكتفي المعلومات المضمنة في الملفات، وإنما تطالب بما يثبت صدق الملفات، حفاظا على مصالح الطلبة، وحرصا على سلامتهم..
أمّا أجمل ما في الملفات المطلوبة للتسجيل، فهو البند المتعلق بخمسة أظرفة بطوابعها البريدية، مع أن المؤسسات التربوية، لم تتعامل مع البريد منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، حين كان الطلبة يحسّون بالزّهو وهم يتلقون كشوفات نقاطهم من موزعي البريد، ولكن هذا التقليد اختفى مع أهله، بل إن مهنة موزع البريد نفسها، اختفت من العالم، ومع ذلك، تصرّ المؤسسات التربوية على المطالبة بالظرف والطابع..
وماذا بعد يا وزارة التربية!! هل يمكن أن نحلم بتجاوز توثيقات تحصيل الحاصل، أم أن تراكمنا يعجبك؟!