ليبيا على مرمى حجر من انفراج تام، ينهي أزمة طالت ويؤسّس لمرحلة جديدة عنوانها المصالحة والتنمية، تمهّد لها انتخابات مقررة في ديسمبر المقبل، تكون بمثابة مظلة تنتشل البلد الشقيق والجار من ويلات دوامة لا استقرار، بدأت تتلاشى منذ إطلاق أولى جولات الحوار، رافقته الجزائر طيلة كل المراحل، آخرها في اجتماع الجوار، لينمو ويتحوّل إلى مشروع يحمل كافة الفرقاء إلى برّ الأمان.
الإخوة الفرقاء في ليبيا أدركوا عن قناعة، كما تشير إليه تصريحات رفيعة المستوى، أنّ محطة الجزائر تقود حقيقة إلى أفق أرحب يستعيد فيه الشعب الليبي، عافيته، ليلملم جراحه والتأسيس لمرحلة ما بعد الأزمة، كطرف فاعل في المنطقة، التي تحتاج إلى تعزيز الاستقرار وتنشيط مشاريع للتنمية، من خلال توسيع نطاق الاستثمار والعمل المشترك حول قواعد مبادئ تتقاسمها المنطقة أبرزها عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض الإرهاب ومكافحته وتحصين السيادة الوطنية للدول.
لذلك كان التشاور والتبادل في مسائل لها صلة بالأزمة وفرص تجاوزها قيمة أساسية في معادلة بناء مقاربة جديدة يكون فيها القرار الليبي سيّدا خارج أيّ تأثير إقليمي أو ابتزاز أجنبي، والدفع بالعملية السياسية إلى محطة الانتخابات التي يصيغ فيها الشعب الليبي قراره باختيار ممثليه في كنف الهدوء والحرية وفقا لقواعد الديمقراطية، التي تشكل قاسما حينها مشتركا يعزّز ثقل بلد بحجم ليبيا ويصون ثرواته، مصدرا للثراء والرفاهية، الشعب الليبي أولى بها.
خيارات عديدة حاول البعض تسويقها للدفع بالأزمة إلى التعفن لولا أنّ الحكمة والتعقل ساد الوجهاء وغلب الأنانية لتلملم ليبيا أطرافها فتعيد تأسيس انطلاقة جديدة ضمن المشهد الإقليمي والعربي والدولي، تحدّ، يمكن رفعه بالعمل المشترك، وفقا لمعايير السيادة والوحدة والتعاون، ما يعود حتما بالنفع على كافة الشعوب، أولها المغرب العربي الكبير.
بوادر إيجابية تلوح في أفق الحلّ السياسي والمقاربة السلمية لتعيد وضع البلد الجريح بكل مكوّناته على سكة الشراكة والتنمية بما تعنيه من حرية الحركة والتنقل والتبادلات، فيستعيد مركزه وثقله بكل ما يعكسه التاريخ وأمجاده في رفض أيّ وصاية أو خضوع لنفوذ أو تغاض عن تهديدات، بل حرص على الوحدة والأمن والسلام.