هي بمثابة قنبلة موقوتة يحطّم انفجارها علاقات أسرية ارتبط أفرادها بعلاقة رحم أثبتت أنّها غير قادرة على الصّمود أمام أطماع النفس البشرية، الكثير منّا عاش وعايش آثارها المدوية على أجيال متعاقبة لأسرة واحدة جمعتها «كنية» أو اسم عائلة واحد، وفرّقتها قطعة ارض أو عقار أو شقة الى شتات أبدي تتقطع فيها أواصل الدم لتتحول الى مجرد أصل كان ذات يوم يجمع بين أفراد اصطلح على تسميتهم بـ «عائلة».
في قضايا المحاكم وأمام القاضي يقف الإخوة «الأعداء» من أجل إثبات أحقيتهم لميراث جمعه الوالد لتأمين حياة أبنائه من بعده، لكن وبسبب أنانية تتأسس على مصلحة شخصية يتحول الميراث إلى جمرة «خبيثة» في يد هؤلاء الأبناء اللاهثين وراء تحقيق أطماع مادية على حساب أخوةٍ، أصبحت مجرد زبد بحر يتلاشى بمجرد اصطدامه مع الشاطئ.
وبالرغم من أن الدين الإسلامي أعطى في كتابه العزيز حسابا دقيقا لتوزيع الميراث بين الاخوة لا يفرق فيها بينهم، كل له نصيب حدده الشرع وفق ضوابط صارمة تختلف فيها نسبها حسب كل حالة، بالإضافة إلى قانون مواريث يحفظ لكل وريث عصبا كان أو فرعا حقه، نجد ان الاسر تشتت وتفرقت ووقفت وجه لوجه أمام عداوة الأخ مع الأخ والاخ مع الأخت والأم مع الأبناء، والابناء مع الاعمام او الاخوال، ما جعل من الميراث قنبلة موقوتة توقيت انفجارها مرتبط بطلب أحد الورثة حقه في ميراث حفظه له الشرع والقانون.
تتحول الأسرة مع انطلاق العد التنازلي لقنبلة «الميراث» إلى ساحة حرب الغالب فيها من تجرد من مشاعر الاخوة وتنصل من صلة الرحم، ليصبح مجرد عبد لأنانية مفرطة أو لامرأة أمرته أن «يستولي» على حق إخوته ووالدته في الميراث، بينما هو في الحقيقة يعلن صراحة رفضته لما فصلته الشريعة من حقوق الميراث.
وغالبا ما تكون المرأة الضحية الأولى، ففي كثير من المناطق عندنا تحرم من حقها في ميراث أبيها بدعوى رفض امتلاك «البرّاني»، الذي لا يعدو أن يكون زوجها او ابنها لأرض العائلة، هي ترّهات يقبلها الرجل لأنه المستفيد الأول من عادات وأعراف ضربت عرض الحائط القوانين الربانية والتشريعية، لتستند إلى حكم مجنون يسرق حق من صاحبه في وضح النهار وبقواعد لا عدل فيها ولا إنسانية.