«دعه يعمل دعه يمر» المحشورة حشرا في الرؤوس على أنّها مفتاح من مفاتيح الليبيرالية، من أظرف أنواعها إلى المتوحّش منها، ليست دعوة اقتصادية فقط..
آدم سميث الذي نظّر لليبيرالية التي هاجمها اليساريّون وتبنّاها الإخوانيّون، وعشقها الفرنسيّون على طريقة فروانسوا ميتران بـ «الجيب على اليمين، والقلب على اليسار»، هي في الواقع مقولة صالحة لكل زمان ومكان، وصالحة للسياسة التي تتحدّث عن التداول على السلطة، كما الثقافة، التي تبحث عن الإبداع والتنوع، تنفع في الأسرة تشجيعا للتنافس، مثلما تنفع في المدرسة، التي تسعى لإنجاب عباقرة، ولا تكتفي بـ «تلميذ نجيب» مترئّس قائمة في كل قسم!
«دعه يعمل، دعه يمر» قاعدة يمكن أن تُحوّل ما ينامُ عليه غار جبيلات إلى بديل عن مداخيل سوناطراك في السّنوات المقبلة، إذا ما لحقت بركب الطاقات المتجدّدة عقولٌ تفكّر بطريقة مغايرة لما هو موجود في التراتبية الإدارية..عقول مؤمنة بإمكانية إنتاج مواد غذائية بالتركيب الضوئي، مثلما يفعل الأمريكان، وينتجون ما تعرضه الفضاءات التجارية من مواد تغذت على اللون الأزرق، الذي يحدّد طول النبتة، واللون الأخضر الذي يحدّد حجمها، وشكلها، في التركيب الضوئي، الذي تتيحه مراكز بحث متقدّمة جدا، ليس في آلاف الهكتارات، بل في حيّز لا يتجاوز 10 متر مربع!
هذه الدّعوة، في مكان ما، أصبحت أكثر من ضرورة في قطاعات لها علاقة بالحاضنات، والمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، والـ «ستارتوب»، وكل فكرة تحتاج إنضاجا ولا تجد من يشجعها ويدعمها، وكل ما له علاقة بـ «فتح عقول الناشئة» على المستقبل من بوّابات جديدة تتيحها التكنولوجيا، لا التقسيم الدولي للعمل، مثلما درج عليه من تكونوا في السبعينيات والثمانينيات، وفق نظريات لَوَى التطور الصيني المذهل عنقها، في نهاية المطاف..
الجزائر بحاجة إلى جامعي يعرف الواقع..بحاجة إلى مستثمر يركّز على الفكرة، لا على القرض..بحاجة إلى من ينفذ عن وعي «دعه يعمل، دعه يمر» للعبور إلى برّ الأمان..!!