حال الوطن العربي لا يزال يحتاج إلى مزيد من التقويم والإصلاح ويشكل موعد القمة التي تحتضنها الجزائر محطة على مسار النهوض من كبوة خلفت تداعيات في أكثر من بلد عربي وبلغ الأمر بالبعض إلى الانزلاق في متاهات خارج الإجماع بتجاوز الحدّ الأدنى من التوافق كما حصل مع مبادرة السلام العربية تجاه القضية الفلسطينية بانخراط عدد من البلدان في لعبة التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل بلغ أمر البعض بالتآمر على الجار واستهداف أمنه ووحدته واستقراره كما أكده وزير الخارجية لعمامرة.
أكثر من هذا، فرص كثيرة تضيع كان أحرى بالجسد العربي على اختلاف توجهات البعض وحسابات البعض الآخر اغتنامها كما هو الأمر بالنسبة لجائحة كوفيد-19 التي ساهمت تداعياتها في تعميق الفجوة بعزل وطن يتوسط المعمورة مكتفيا بدور المتفرج في انتظار ما ينتجه بلدان اعتنقت الشراكة والتعاون على ما بينها من خلافات واختلافات يجيدون معالجتها وفقا لأولويات دقيقة أبرزها كبح أي مبادرة عربية حتى لو كانت قريبة من استسلام غير معلن وكسر أي مشروع يحمل دلالات تشير لمنافسة أو حرص على البقاء خارج مظلة وصاية وتبعية أو استعمار جديد.
قمة الجزائر العربية المرتقبة مرشحة لأن تكون منصة انطلاق عمل عربي مشترك جديد قائم على معايير حديثة حان الوقت لأن تواكبها جامعة الدول العربية لتكون بحق البيت الذي تذوب فيها الخلافات على أساس الالتزام بالشرعية الدولية وانتهاج الوضوح واحترام التعهدات بمعايير الدول الحديثة، القائمة على الحكامة والقانون الدولي بكل ما يحمله من مبادئ وقواعد سلوك، هي من أبجديات العمل الدبلوماسي، ولعل منها عدم التدخل في الشؤون الداخلية والصدق في الدفاع عن القضية المركزية فلسطين.
هذه القضية، بها ينهض الوطن العربي وبسبب أيّ تقاعس تجاهها سيفقد آخر ما تبقى، وهو أمر مكلف للجميع، ويكفي أن يتعلم الجميع من البلدان الغربية التي تحسن حلّ مشاكلها، كونها تعتمد معيار الصراحة والقانون وصياغة القرارات داخل مؤسسات، مرجعيتها الرصيد العربي الذي أسس له السلف بكل ما يحتاج في بعض جوانبه من مراجعات وتطوير للخيارات دون المساس بالأسس، التي قاومت الزمن واخترقته رغم انكسارات سببها أنانية البعض لن تشطب انتصارات الشعوب العربية.