شهدت أسعار الغاز الطبيعي في الأشهر القليلة الماضية ارتفاعا كبيرا لم تعرفه منذ سنوات، ويرى الخبراء أن هذا الارتفاع مردّه بداية تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات فيروس كورونا وزيادة الطلب على هذه المادة الاستراتيجية ، التي يرى فيها كثيرون طاقة المستقبل والبديل الأنسب للنفط في قادم السنوات للتقليل من انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون.
هذا الارتفاع أزعج كثيرين لاسيما وأنه سيساهم في ارتفاع أسعار إنتاج الكهرباء وتكلفة تشغيل المصانع في الدول المستوردة للغاز ، ما من شأنه أن يؤثر على مستويات النمو والرفاه الاجتماعي فيها.
لكن من ناحية أخرى الدول المنتجة للغاز الطبيعي «تسعدها» هذه الأخبار تحديدا وفصل الشتاء على الأبواب حيث يزيد الطلب بشكل كبير على هذه المادة الحيوية ما يسمح لها بتحقيق عوائد مهمة من العملة الصعبة.
وتعد الجزائر أحد أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي في العالم، كما انها تمتلك احتياطات ضخمة من الغاز الصخري المقدرة بـ 707 تريليون قدم مكعب، ما يمثل 4 أضعاف احتياطي الغاز الطبيعي ما يضعها في المرتبة الثالثة عالميا بعد كل من الصين والأرجنتين.
إن هذه الأرقام ليست دعوة صريحة للاعتماد على هذا المورد فقط دونما التفكير في التخلص من تبعية شبه مطلقة للمحروقات وما يشكله ذلك من مخاطر على استقرار الاقتصاد الجزائري كما هو حاصل اليوم، لكن وجب التفريق بين الريع كمورد اقتصادي يمنح الدول المالكة له قوة ومكانة وموارد مالية هامة قد يكون لها دور كبير في تحقيق التنمية شريطة أحسن استغلالها، والريع كثقافة تلغي القيمة الاجتماعية للعمل حينما يسود منطق الزبائنية.
هذه الاحصائيات هي مجرد تذكير بسيط لما تزخر به البلاد من خيرات لا تعد ولا تحصى، وهي دعوة لتفكير جاد في كيفية استغلال هذه الموارد بشكل إيجابي لمستقبل أفضل وعدم تكرار أخطاء الماضي القريب.