لم يعد سيناريو زعزعة استقرار وأمن دول المنطقة المغاربية بكاملها خفيا باستثناء دولة واحدة فضّلت الارتماء في أحضان الغاصب المحتل لفلسطين الأول (الكيان الصّهيوني)، أما باقي الدول المغاربية فقد باتت تواجه مؤامرات خارجية متعدّدة بدت مؤشراتها واضحة، وتصاعدت مع إبداء بعض دول الإتحاد المغاربي المعطل رغبة في تحقيق حلم مغرب الشعوب بعد عقود من الشلل.
هذه المؤامرة الخارجية تنفّذ بمساعدة داخلية عبر تحرّك عرّابي التفرقة ودعاة الفتنة للتصدي لأحلام شعوب المنطقة، والسعي لثنيهم حتى عن التفكير في ترميم التكتّل «المعطّل»، ويبدو هذا واضحا مع ما ظهر أنه بداية مرحلة جديدة أكثر تعاونا في العلاقات المغاربية لاسيما بين ليبيا، تونس والجزائر، ويتجلى هذا التقارب والتعاون المتسارع في زيارات متبادلة لمسؤولين كبار أبدوا نوايا حسنة في رفع مستوى الشراكة على كل المستويات لمواجهة التحديات المشتركة.
بيد أن التوتر الأخير بين ليبيا وتونس على خلفية تصريحات حول انتشار الإرهاب في المنطقة، يؤكد ترجيح وجود فرضية مؤامرة تجاه بلدين تربطهما علاقات جوار قوية تعود جذورها إلى تاريخ تأسيس الدولتين.
وفي الواقع مؤامرة زرع الخلافات لا تقتصر على تونس وليبيا بل تتعداه إلى استهداف ربوع المغرب العربي، إذ يؤكّد خبراء أنه سيكون منطقة صراع ونفوذ دولية نظرا لامتلاكها ثروات بشرية ومادية قد تجعل منها قاطرة نمو إفريقيا إذا توفرت إرادة حقيقية، باعتباره كذلك بوابة القارة السمراء وهمزة وصل تربط الضفتين الشمالية والجنوبية.
كل هذه المؤشّرات تجر إلى تأكيد وجود جهات وراء التوتر الحاصل بين تونس وليبيا لإحداث قطيعة بين البلدين، وذلك أياما قليلة بعد قرار الجزائر الصائب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب على خلفية ضلوعه في جرائم استهدفت الجزائر على غرار حرائق الغابات ودعمه لعناصر من الحركة الإرهابية «الماك»، وكان تصريح ممثل الرباط بالأمم المتحدة القطرة التي أفاضت الكأس، وأظهرت نوايا نظام المخزن الحقيقية تجاه المنطقة بعد دعمه للكيان الصهيوني ليصبح عضوا مراقبا داخل الإتحاد الإفريقي، وأصبح بذلك في خدمة سارق القدس منذ إعلانه التطبيع الذي بدأت نتائجه المدمرة تتضح على المنطقة المغاربية.