هل هي مرحلة جديدة للأفغان فقط تلك التي انطلقت فجر الحادي والثلاثين من أوت الماضي، أم أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يدشن كعادته تحولات كبرى تتعدى حدود البلد المستحوذ حاليا على جل اهتمام العالم.
التصريحات الواردة من بلد العم سام على لسان رئيسها ترجح ذلك، فبايدن بهدوئه المعهود قال إن عصر التدخلات العسكرية الكبرى قد ولى في رسائل مشفرة يبعثها لحلفائه في مختلف القارات للاعتماد على أنفسهم، تحديدا وأن السياسيين الأمريكيين أدركوا أخيرا أن العملاق النائم نهض في غفلة منهم وهم نيام ويوشك على الاطاحة بهم من عرش القيادة العالمية.
فالصين أصبحت الهاجس الأكبر لمعظم السياسيين الأمريكيين مع تخبط واضح في توظيف المصطلحات حين توصف أحيانا بالمنافس وفي أحيان أخرى «بالخطر»، ضبابية في التوصيف تعكس الرهبة الأمريكية وقلة الحيلة في كيفية التعامل مع أحفاد كونفوشيوس.
من غرائب الامور ان التدخل الأمريكي في أفغانستان شكل أحد أهدافه الاستراتيجية احتواء الصين في مناطق نفوذها وكبح نموها الاقتصادي وخنقها طاقيا، لاسيما وأنها تشترك مع أفغانستان بحدود برية رشحت لتكون معبرا لمرور أنابيب الغاز الإيراني تجاه الصين، وبالرغم من ذلك نما الاقتصاد الصيني بشكل مذهل منذ بداية الغزو، إذ تضاعف 10 مرات وارتفع الناتج المحلي الصيني من 1300 مليار دولار في 2001 ليبلغ 14 ألف مليار في 2021 ومن المتوقع أن يتخطى الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي سنة 2026 في صعود أبهر الجميع وليس الأمريكيين فقط.
ما نعيشه خلال هذه السنوات بدءا بالتغيرات المناخية و جائحة كورونا والانسحاب الأمريكي من أفغانستان وصولا لصعود قوى اقتصادية جديدة ينبئ ببزوغ عصر جديد ينبغي لنا في الجزائر التكيف معه والاستعداد جيدا لتحدياته الجديدة والاستفادة من الفرص التي يقدمها.