فئة قليلة تلك التي انتبهت إلى (الإجحاف) الذي استُقبل به الأبطال البارالمبيّين، بعد أن حقّقوا ميداليات وأرقاما قياسية عالية، ورفعوا العلم الوطني خفاقا عدّة مرات، ليجدوا أنفسهم في مطار الجزائر (وحدانيّين)، ويركبوا حافلتهم أن يسمعوا كلمة اعتراف، أو يلتقوا وردة تنويه..
ولا نضيف شيئا ذا بال إذا قلنا أنّ هذا (الإجحاف) لم يطبّق على البارالمبيّين حصرا، لأنّه أصيل في ثقافتنا، منغرس في وجداننا، وثقافتنا العامة تميل عادة إلى إنكار الإنجازات، حتى أنّ الواحد منّا يحقّق إنجازا، فنحس جميعا بأنّنا أولى منه، وأنّ منجزه ليس شيئا مذكورا، وهكذا نتبادل الإنكار فيما بيننا، ونرسّخه ونضيف إليه الجديد كل يوم، ولا ننتبه إلى القدرات التي يمكن أن تنفعنا إلاّ إذا جاءتنا شهادةٌ في حقها من الخارج، هنالك نسارع إلى (التهليل)، ونتحوّل – بقدرة قادر – إلى أصحاب رؤية نافذة، وحكمة بالغة..
أمّا تاريخنا الحافل بـ «الإنكار» فهو يتحدّث بلغة فصيحة، فقد هوّن كثيرون من قيمة البوكر، بعد أن فاز به عيساوي، وعيّر آخرون الغونكور بعد أن فاز به داود، وهناك من يلصق فكرة الاستشراق بمحمد بن شنب، ومن يستصغر حمودة بن الساعي وموحند تازروت، والذين ينظرون بعين السخط إلى الكتاب والفنانين والرياضيين، لمجرّد أنّهم يبدعون في مجالات تخصّصاتهم، بعيدا عن القيل والقال..
ولا ينبغي أن نتعامل بعقلية المجحفين، فننكر عليهم تفوّقهم في إنكار النّجاح، فنحن نعترف لهم بأنّهم جاؤوا بالرّوائع في مادة (جلد الذات)، وأحدثوا العجائب في مادة استصغار كل ما هو جزائري، إلى درجة أنّ الواحد منهم يعتقد (مخلصا) أنّ ماء «إيفيان» أفضل من ماء «سعيدة»، فيحس بالزّهو وهو يشتري إيفيانه المفضّل بأكثر من مائتي دينار للقارورة الصغيرة..فإن لم يكن هذا هو التفوق في الإحساس بالنقص، فماذا يكون يا ترى؟!
سؤالنا الآن..هل نعترف للبارالمبيّين، أم نطبّق عليهم العقلية؟!