منذ بداية الأزمة الليبية سنة 2011 سعت عديد الأطراف الدولية لعرقلة أي دور للدبلوماسية الجزائرية في إيجاد حل للنزاع الذي عصف بالأمن والاستقرار في المنطقة ككل وليس في ليبيا فقط نتيجة الانتشار غير المسبوق للأسلحة.
موقف الجزائر من النزاع الداخلي الذي عرفته ليبيا كان واضحا منذ البداية، بدعمها للحل السياسي ورفضها للتدخلات الأجنبية والحلول العسكرية. والتي أثبتت في كل مرة فشلها في حل هذا النوع من الأزمات الداخلية، والانسحاب الأمريكي الأخير من أفغانستان دليل آخر على فشل المقاربة العسكرية في حل الأزمات الداخلية.
ما تملكه الجزائر من إمكانيات وسجل دبلوماسي عريق لا تكفي هذه السطور لسرده، يجعلها الحلقة المحورية لحلحة الأزمة في ليبيا، فالجزائر ليس لديها أي أطماع اقتصادية أو سياسية في البلد الشقيق، واستقرار هذا الأخير في حد ذاته يعتبر مكسبا للجزائر والتي عانت كثيرا من حالة عدم الاستقرار التي عرفتها الجارة الشرقية.
كما أن للجزائر لديها علاقات قوية مع مختلف الأطراف الدولية ذات التأثير المباشر في الصراع سواء دول الجوار وتحديدا مصر وتونس، ضف إلى ذلك تركيا، الى جانب روسيا التي تعد أحد المؤثرين الكبار في المنطقة، والجزائر تحظى بتقدير وثقة كل هذه الدول.
يعد اجتماع دول جوار ليبيا الذي عقد في الجزائر هذا الأسبوع تتويجا للجهود التي بذلتها الدبلوماسية الجزائرية، ويمكن إدراجه ضمن أهم المحطات منذ بداية الأزمة الليبية، بالأخص وأنه حظي بدعم دولي وإقليمي كبيرين بحضور كل من ممثل الأمين العام الأممي في ليبيا، وممثلين عن الاتحاد الإفريقي.
كما أن التوافق الذي أعلن عنه مؤشر على بداية انفراج الأزمة، في انتظار تنفيذ الأطراف الدولية المعنية التزاماتها خاصة مسألة سحب المرتزقة، وتحقيق حد أدنى من التوافق الليبي خاصة مسألة توحيد القوى الأمنية المختلفة لإنجاح العملية الانتخابية المقررة في ديسمبر المقبل.